قَالَ عَمْرو: وَالله لَا أَقْسِمُهَا حَتَّى أَكْتُبَ إِلَى أَمِير الْمُؤمنِينَ، فَكتب إِلَيْهِ
عُمَرُ بْنُ الْخطاب: أَقِرَّهَا حَتَّى يَغْزُو مِنْهَا حَبل الْحَبَلَةِ.
وَكَانَ الشَّافِعِي يَقُول: " كلما ظهر عَلَيْهِ من قَلِيل أَمْوَال الْمُشْركين وكثره، أَو دَارا
وَغَيره لَا يخْتَلف لِأَنَّهَا غنيمَة، وَحكم اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي الْغَنِيمَة أَن
يُخَمّس، وَقد بَين رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمن أوجف عَلَيْهَا بِالْخَيْلِ والركاب،
فَإِن تَركه الإِمَام وَلم يقسمهُ فَوَقفهُ على الْمُسلمين، أَو تَركه لأَهله،
رُد حكم الإِمَام فِيهِ، لِأَنَّهُ مُخَالف للْكتاب وَالسّنة مَعًا، فَأَما الْكتاب
فَقَوله: (واعلَمُوا أَنَّمَا غَنِمتُم مِنْ شَيءٍ فَإِنَّ لله خُمسُه) الْآيَة، وَقسم
رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَرْبَعَة الْأَخْمَاس على من أوجف عَلَيْهِ بِالْخَيْلِ والركاب
من كل مَا أوجف عَلَيْهِ من أَرض وَعمارَة وَمَال، وَإِن تَركهَا لأَهْلهَا،
اتبع أَهلهَا بِجَمِيعِ مَا صَار فِي أَيْديهم من غَلَّتهَا، فاستخرج من أَيْديهم
وَجعل لَهُم أُجْرَة مثلهم فِيمَا قَامُوا بِهِ عَلَيْهِ فِيهَا، وَكَانَ لأَهْلهَا أَن يتبعوا
الإِمَام على مَا فَاتَ مِنْهَا، لِأَنَّهَا أَمْوَالهم أفاتها، فَإِن ظهر الإِمَام على بلادٍ
عنْوَة فخمسها ثمَّ سَأَلَ أهل الْأَرْبَعَة الْأَخْمَاس، ترك حُقُوقهم مِنْهَا،
فَأَعْطوهُ ذَلِك طيبَة بِهِ أنفسم، فَلهُ قبُوله إِن أَعْطوهُ وَقفا على الْمُسلمين،
وأحسب عمر بن الْخطاب إِن كَانَ صنع هَذَا فِي شَيْء من بِلَاد العنوة إِنَّمَا
استطاب أنفس أَهلهَا عَنْهَا فَصنعَ مَا وصفت".