ذِكْرُ الِاسْتِنْجَاءِ بِغَيْرِ الْحِجَارَةِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا نَحْفَظُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا مِنَ الْأَخْبَارِ أَنَّهُ أَمَرَ بِالِاسْتِنْجَاءِ بِغَيْرِ حِجَارَةِ، وَمَنِ اسْتَنْجَى بِالْحِجَارَةِ كَمَا أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ أَتَى بِمَا عَلَيْهِ، وَإِنِ اسْتَنْجَى بِغَيْرِ الْحِجَارَةِ، فَالَّذِينَ نَحْفَظُ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُمْ قَالُوا: ذَلِكَ جَائِزٌ، وَالِاسْتِنْجَاءُ بِالْحِجَارَةِ أَحْوَطُ، كَانَ عَطَاءٌ يَقُولُ: إِنِّي لَأَسْتَنْجِي بِالْإِذْخَرِ، وَقَالَ طَاوُسٌ: ثَلَاثَةٌ أَحْجَارٍ أَوْ ثَلَاثَةُ حَثَيَاتٍ مِنْ تُرَابٍ أَوْ ثَلَاثَةُ أَعْوَادٍ، وَيُجْزِي كُلُّ ذَلِكَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَتْ آجُرَّاتٍ أَوْ مَقَابِسَ أَوْ خَزَفٍ، وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ إِسْحَاقَ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَأَجَازَ مَالِكٌ الِاسْتِنْجَاءَ بِالْمَدَرِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَرْجُو أَنْ يَجْزِيَ مَا قَالُوا، وَلَيْسَ فِي النَّفْسِ شَيْءٌ إِذَا اسْتَنْجَى بِالْأَحْجَارِ وَأَنْقَى، فَإِنِ اسْتَنْجَى بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ، وَلَمْ يُنْقِ زَادَ حَتَّى يُنْقِيَ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: لَا يَجْزِيهِ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ مِنَ الِامْتِسَاحِ بِمَا يَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يُبْقِ أَثَرًا قَائِمٌا، فَأَمَّا أَثَرٌ لَاصِقٌ لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا الْمَاءُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إِنْقَاؤُهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ جَهَدَ لَمْ يُنْقِهِ بِغَيْرِ مَاءٍ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَكَذَلِكَ نَقُولُ.