فَظَاهِرُ هَذِهِ الْآيَةِ تُوجِبُ السَّعْيَ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَزَمَانٍ، لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَسْتَثْنِيَ وَقْتًا دُونَ وَقْتٍ، وَلَا إِمَامًا دُونَ إِمَامٍ إِلَّا بِحُجَّةٍ، وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَهُوَ مَحْصُورٌ: إِنَّ الصَّلَاةَ مِنْ أَحْسَنِ مَا عَمِلَ النَّاسُ، فَإِذَا أَحْسَنُوا، فَأَحْسِنْ، وَإِذَا أَسَاءُوا، فَلَا تُسِئْ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ عَلِيٍّ وَعُثْمَانُ مَحْصُورٌ، وَاعْتَزَلَ ابْنُ عُمَرَ مِنًى فِي قِتَالِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَصَلَّى مَعَ الْحُجَّاجِ، وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: الصَّلَاةُ حَسَنَةٌ لَا أُبَالِي مَنْ يُشَارِكُنِي فِيهَا، وَالْأَخْبَارُ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَنِ التَّابِعِينَ فِي هَذَا الْبَابِ تَكْثُرُ، غَيْرَ أَنَّهَا لَا تَخْتَلِفُ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَ كُلِّ إِمَامٍ فِي كُلِّ وَقْتٍ، بَرًّا كَانَ، أَوْ فَاجِرًا، مَا دَامُوا يُصَلُّونَهَا لِوَقْتِهَا، فَإِنْ أَخَّرُوهَا عَنْ وَقْتِهَا صَلَّيْتَ لِوَقْتِهَا، وَكَانَتِ الصَّلَاةُ مَعَهُمْ تَطَوُّعًا، وَقَدْ حُكِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ الْحَارِثِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْجُمُعَةِ مَعَ هَؤُلَاءِ الْأُمَرَاءِ، فَقَالَ: إِنَّ اللهَ فَرَضَ عَلَيْنَا الْجُمُعَةَ، وَهُوَ يَعْلَمُ مَنْ يُصَلِّي بِنَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَقَالَ: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ} [الجمعة: 9] الْآيَةَ، فَنَحْنُ نَسْعَى كَمَا أَمَرَنَا اللهُ