1104 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ , عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ , عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: «فَأَمَّا أَنَا فَإِنَّمَا أُصَلِّي كَمَا رَأَيْتُ أَصْحَابِي يُصَلُّونَ , وَأَمَّا أَنَا فَلَا أَنْهَى أَحَدًا أَنْ يُصَلِّيَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ غَيْرَ أَنِّي لَا أَتَحَرَّى طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلَا غُرُوبَهَا؛ فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ ذَلِكَ» وَفَعَلَ ذَلِكَ الْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ وَعَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ , -[395]- وَمَسْرُوقٌ , وَشُرَيْحٌ , وَعَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي الْهُذَيْلِ , وَأَبُو -[396]- بُرْدَةَ , وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْأَسْوَدِ , وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْبَيْلَمَانِيِّ , وَالْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ. -[397]- قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي التَّطَوُّعِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ لَا نَفْعَلُهُ , وَلَا نَعِيبُ فَاعِلًا , وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو خَيْثَمَةَ , وَأَبُو أَيُّوبَ , وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مَعْنَى قَوْلِهِ: لَا صَلَاةَ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِنَّمَا هُوَ لَا صَلَاةَ بَعْدَ مُضِيِّ آخِرِ وَقْتِهِ , وَآخِرُ وَقْتِهِ اصْفِرَارُ الشَّمْسِ؛ لِأَنَّ لِلنَّاسِ أَنْ يَتَطَوَّعُوا بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ مَا دَامُوا فِي وَقْتِهَا , فَإِذَا خَشُوا فَوَاتَ الْوَقْتِ لَمْ يَجُزْ لَهُمْ أَنْ يَتَشَاغَلُوا بِغَيْرِ الْفَرْضِ لِئَلَّا يَفُوتَهُمُ الْوَاجِبُ , فَلَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ صَلَّى أَحَدُهُمَا الْعَصْرَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَأَخَّرَهَا الْآخَرُ عَنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ يُكْرَهُ لِلَّذِي صَلَّى الْعَصْرَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ أَنْ يَتَطَوَّعَ بَعْدَهَا لِلْمَعْنَى الَّذِي كَرِهَهَا لَهُ عُمَرُ؛ وَذَلِكَ لِئَلَّا يُدَاوِمَ عَلَيْهَا حَتَّى يَأْتِيَ الْوَقْتُ الْمَنْهِيُّ عَنِ الصَّلَاةِ فِيهِ , وَلَمْ يَكْرَهْ لِلَّذِي لَمْ يُصَلِّ الْعَصْرَ أَنْ يَتَطَوَّعَ قَبْلَهَا إِذَا كَانَتِ الشَّمْسُ بَيْضَاءَ , فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّطَوُّعَ غَيْرُ مَكْرُوهٍ وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ , وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مَكْرُوهًا لَكَرِهَ ذَلِكَ لِلرَّجُلَيْنِ وَاللهُ أَعْلَمُ وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: لَا يَجُوزُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ نَهْيُهُ عَنِ الصَّلَاةِ فِي السَّاعَاتِ الَّتِي نَهَى عَنْهَا عَلَى مَا وَصَفْتُ فِي كُلِّ صَلَاةٍ لَا يَلْزَمُ , وَكُلُّ صَلَاةٍ كَانَ صَاحِبُهَا يُصَلِّيهَا فَأَغْفَلَهَا , وَكُلُّ صَلَاةٍ أُكِّدَتْ , وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَرْضًا كَرَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَبَعْدَ الصُّبْحِ , وَذِكْرِ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ صَلَّاهُمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الْعَصْرِ كَانَ يُصَلِّيهِمَا بَعْدَ الظُّهْرِ , وَذِكْرِ الصَّلَاةِ لِلطَوَافِ , وَرَكْعَتَيِ الْفَجْرِ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ , وَجَعَلَ الشَّافِعِيُّ النَّهْيَ فِيمَا سِوَى مَا ذَكَرْنَاهُ , وَكَانَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ يَقُولَانِ: لَا يُصَلِّي بَعْدَ الْعَصْرِ إِلَّا صَلَاةً فَاتَتْهُ أَوْ عَلَى الْجَنَازَةِ إِلَى أَنْ تَدْخُلَ الشَّمْسُ لِلْغَيْبُوبَةِ , وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: لَا يُصَلِّي رَجُلٌ تَطَوُّعًا بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ إِلَى أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ , وَلَا إِذَا قَامَتِ -[398]- الشَّمْسُ إِلَى أَنْ تَزُولَ , وَلَا بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ إِلَّا صَلَاةً فَاتَتْهُ أَوْ عَلَى جَنَازَةٍ أَوْ عَلَى أَثَرِ طَوَافٍ أَوْ صَلَاةٍ لِبَعْضِ الْآيَاتِ , وَكُلَّمَا يَلْزَمُ مِنَ الصَّلَوَاتِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُصَلِّيَ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ , وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: يُصَلِّي كُلَّ الْوَقْتِ مَا خَلَا الْأَرْبَعَ سَاعَاتٍ إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ إِلَى أَنْ تَرْتَفِعَ , وَإِذَا انْتَصَفَ النَّهَارُ إِلَى أَنْ تَزُولَ الشَّمْسُ وَإِذَا احْمَرَّتِ الشَّمْسُ إِلَى أَنْ تَغِيبَ , وَلَا صَلَاةَ بَعْدَ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ , وَلَا بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَكْثَرُ مَنْ رَأَيْتُ مِمَّنْ كَانَ يُشَدِّدُ وَيَمْنَعُ مِنَ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ إِنَّمَا يَحْتَجُّ بِأَنَّ عُمَرَ كَانَ يَمْنَعُ النَّاسَ مِنْ ذَلِكَ , وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ إِنَّمَا كَانَ يَقُولُ: لَا تَحَرَّوْا بِصَلَاتِكُمْ طُلُوعَ الشَّمْسِ , وَلَا غُرُوبَهَا، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ هَذَا كَانَ مَذْهَبَهُ حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ