عِظَامِ الْمَيْتَةِ عَلَى سَبِيلِ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُمْ فَالْمَيْتَةُ مُحَرَّمَةٌ عَلَى ظَاهِرِ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاتِّفَاقِ الْأُمَّةِ. وَمِنَ الدَّلِيلِ الْبَيِّنِ عَلَى أَنَّ الْعَظْمَ يَحْيَى بِحَيَاةِ الْحَيَوَانِ وَيَمُوتُ بِمَوْتِهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {قَالْ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ} [يس: 79] الْآيَةَ، فَأَعْلَمَنَا أَنَّهُ يُحْيِي الْعِظَامَ، وَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ فِيَ الْعَظْمِ حَيَاةً، وَلَيْسَ الشَّعْرُ وَالصُّوفُ، كَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا حَيَاةَ فِيهِمَا. وَدَلَّ إِجْمَاعُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى طَهَارَةِ الصُّوفِ إِذَا جُزَّ مِنَ الشَّاةِ وَهِيَ حَيَّةٌ، وَأَنَّ عُضْوًا لَوْ قُطِعَ مِنْهَا وَهِيَ حَيَّةٌ أَنَّ ذَلِكَ نَجِسٌ ". فَلَمَّا أَجْمَعُوا عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ أَحَدَهُمَا يَحْيَى بِحَيَاةِ ذِي الرُّوحِ وَيَمُوتُ بِمَوْتِهِ، وَأَنَّ الْآخَرَ لَا حَيَاةَ فِيهِ فَيَمُوتُ كَمَوْتِ ذِي الرُّوحِ وَأَمَّا الْجِلْدُ الْمَدْبُوغُ فَيُسْتَثْنَى مِنْ جُمْلَةِ الْمَيْتَةِ بِالْخَبَرِ الثَّابِتِ عَنْ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَوْلَا ذَلِكَ كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْمَيْتَةِ، وَلَوْ وَجَدْنَا فِي الْعَظْمِ سُنَّةً عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُوجِبُ اسْتِثْنَاءَهُ كَمَا تُوجِبُ اسْتِثْنَاءَ الْجِلْدِ الْمَدْبُوغِ لَأَخْرَجْنَاهُ مِنْ جُمْلَةِ الْمَيِّتِ، كَمَا أَخْرَجْنَا الْجِلْدَ الْمَدْبُوغَ، وَقَدْ ذَكَرَ رَبِيعَةُ بْنُ كُلْثُومٍ أَنَّ ضِرْسًا لِلْحَسَنِ سَقَطَ قَالَ: فَقَالَ لِي الْحَسَنُ يَا رَبِيعَةُ أَشَعَرْتَ أَنَّهُ مَاتَ بَعْضِي الْيَوْمَ، فَأَمَّا إِبَاحَةُ الْكُوفِيِّ فِي الِانْتِفَاعِ بِشَعْرِ الْخِنْزِيرِ وَمَنْعُهُ الِانْتِفَاعَ بِشُعُورِ بَنِي آدَمَ وَبَيْعِهَا فَمِنْ أَعْجَبِ مَا حُكِيَ وَأَقْبَحِهِ إِذْ هُوَ خَارِجٌ عَنْ بَابِ النَّظَرِ وَالْمَعْقُولِ