كما يقول جيبون: إن محمداً انتصر على العالم النصراني الشرقي بواسطة القرآن في إحدى يديه والسيف في الأخرى.

هذه هي بعض أمثلة الكتابات عن السيرة في المرحة الثانية.

أما المرحلة الثالثة فبدأت في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي، وذلك إثر انتشار الاستعمار البريطاني في بعض الدول الإسلامية وبدء الأنشطة التنصيرية المنتظمة فيها من قبل عدة جمعيات إرسالية. وتزامنت هذه التطورات مع وقوع عديد من المصادر العربية الأصلية للسيرة في متناول الأوربيين والإنجليز، فأصبح من الضروري إعادة النظر في الأساليب المتبعة حتى ذلك الوقت في معالجة السيرة. وفي الواقع أشار توماس كرليل "Thomas Carlyl" إلى اتجاه جديد في سلسلة من المحاضرات ألقاها سنة 1840م/1256هـ عن الأبطال وعبادة البطل في التاريخ "On Heroes and Hero Worship in History" ومفاد قوله إن محمداً صلى الله عليه وسلمكان مخلصاً في اعتقاده أنه نبي، ولكنه كان مخطئاً في اعتقاده هذا. ومن ذلك الوقت بدأ الكتَّاب الأوربيون والإنجليز يشيرون إلى إخلاص النبي صلى الله عليه وسلم، ولو لم يتركوا ادعاء الخداع تماماً، كما أنهم بدؤوا في استخدام المصادر العربية الأصلية على نحو متزايد في معالجتهم للسيرة، مع محاولاتهم في التشكيك بها حسب الضرورة أو تحريف معاني نصوصها والافتراضات من أجل التمسك بالادعاءات والافتراءات الموروثة من أسلافهم. وسيتضح هذا لو نظرنا إلى ثلاثة من أبرز ما كتب عن السيرة من منتصف القرن التاسع عشر الميلادي حتى الوقت الحاضر، وهي:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015