الناس غالباً ببقية الصحابة وهم كثير. وأما سعيد / بن يزيد فكان منقبضاً 'مقبلاً على العبادة. وأما عتبة بن غزوان فحاله كحال أبي عبيدة بقي في الجهاد والفتوح حتى مات سنة 17، وأما أبو كبشة فقديم الموت توفي يوم مات أبو بكر أو بعده بيوم. وكما قلت أحاديث هؤلاء قلت فتاواهم، مع العلم بأن الفتوى فرض كفاية، وأنه إذا لم يوجد إلا مفتٍ واحد والقضية واقعة تعينت عليه، وكما كانوا يتقون الفتوى في القضايا التي ليست واقعة حيننئذ حتى روي عن عمر أنه لعن من يسأل عما لم يكن. وأنه قال وهو على المنبر: وأحرج بالله على من سأل عما لم يكن، فإن الله قد بين ما هو كائن، أخرجهما الدارمي وغيره. وروى أنهم كانوا يتدافعون الفتوى، كل واحد يود أن يكفيه غيره فكذلك كان شأنهم في التحديث حين كان الصحابة متوافرين، وعامة من تقدم أنه قليل الحديث أو أنه سئل أن يحدث فامتنع، قد ثبتت عنهم أحاديث بين مكثر ومقل، وذلك يبين قطعاً أن قلة حديثهم إنما كانت لما تقدم. ويوضح ذلك أنه لم يأت عن أحد منهم ما يؤخذ منه أنه امتنع من التحديث بحديث عنده مع حضور الحاجة إليه وعدم كفاية غيره له. إ نك لا تجد بهذا المعنى حرفا ً واحداً،
فاختيارهم أن لا يحدثوا إلا عند حضور الحاجة إلى تحديثهم خاصة هو السبب الوحيد لاتقاء الاكثار ولما يصح في الجملة من الرغبة عن الرواية، أما النهي عن الكتابة فقد فرغنا منه البتة فيما تقدم ص22- وأما خشية الخطأ فهذا من البواعث على تحري أن لا يحدثوا إلا عند الحاجة. راجع (ص31)
قوله: إن ما وعته الذاكرة «لا يمكن أن يبقى فيها على أصله» إن أراد بذلك ألفاظ الأحاديث القولية فليس كما قال، بل يمكن أن يبقى بعض ذلك، بل قوله إن «الخلفاء الراشدين وكبار الصحابة وأهل الفتيا ... لم يكونوا ليرضوا بما رضي به بعضهم ... من رواية الحديث بالمعنى» اعتراف منه بأن ما ثبت عن هؤلاء روايته من الأحاديث القولية قد رووه بلفظ النبي صلى الله عليه وسلم على وجهه الصحيح. وإن أراد الأحاديث الفعلية ومعاني