قيدوا هذا العلم» وذكر ابن عبد البر ولفظه «قيدوا العلم بالكتاب» وروى هذا من قول النبي صلى الله عليه وسلم ومن قول عمر ومن قول ابن عمر، وإنما يصح من قول أنس رضي الله عنه.
وروى الدارمي وابن عبد البر وغيرهما بسند حسن أن أبا أمامة الباهلي رضي الله عنه سئل عن كتاب العلم فقال: لا بأس به.
وأخرج الدارمي وغيره بسند رجاله ثقات عن بشير بن نهيك وهو ثقة قال «كنت أكتب ما أسمع من / أبي هريرة، فلما أردت أن أفارقه أتيته بكتابه فقرأته عليه وقلت له: هذا ما سمعت منك؟ قال: نعم» .
فالحاصل أن ما روى عن عمر وأبي موسى من الكراهة إنما كان كما صرحا به خشية أن يكب الناس على الكتب ويدعوا القرآن، وأما من عاش بعدهما من الصحابة فمنهم أبو سعيد بقي على الامتناع، ومنهم ابن عباس امتنع ورخص، ومنهم من رأى أنه قد زال المانع كما قال عروة الراوي امتناع عمر «إن كتاب الله قد استمرت مريرته» وقد مر ذلك ورأوا أن الحاجة إلى الكتابة قد قويت لأن الصحابة قد قلوا وبقاء الأحاديث تتناقل بالسماع والحفظ فقط لا يؤمن معه الخلل فرأوا للناس الكتابة كما مر عن أبي هريرة وأبي أمامة وأنس رضي الله عنهم.
وأما التابعون فغلبت فيهم الكتابة إلا أن من كان ذا حافظة نادرة كالشعبي والزهري وقتادة كانوا لا يرون إبقاء الكتب لكن يكتب ما يسمع ثم يتحفظه فإذا أتقنه محاه- وأكثرهم كانت كتبه باقية عنده كسعيد بن جبير والحسن البصري وعبيدة السلماني ومرة الهمداني وأبي قلابة الجرمي وأبي المليح وبشير بن نهيك وأيوب السختياني ومعاوية بن قرة ورجاء بن حيوة وغيرهم (?) .
ثم قال أبو رية (ص25) : «ولئن كانت هناك بعض أحاديث رويت في