أقول: ما صحته فثابتة باثبات أئمة الحديث لها، فإن أراد الصحة في نفس الأمر فهب أنا لا نقطع بها ولكنا نظنها ظناً غالباً، وعلى كل الحالين فواضعو تلك القاعدة لا ينكرون أنه يفيد الظن، ومن أنكر ذلك فهو مكابر، وإذا أفاد الظن فلا مفر من الظن وما يترتب على الظن، فلم يبق إلا أنه لا يفيد القطع، وهذا حق في كل دليل لا يفيد إلا الظن
القضية الثانية: أنه مناف للعصمة في التبليغ قال «فإنه قد خالط عقله وإدراكه في ز عمهم.. فإنه إذا خولها.. في عقله كما زعموا جاز عليه أن يظن أنه بلغ شيئاً وهو لم يبلغه، أو أن شيئاً ينزل عليه وهو لم ينزل عليه»
أقول: أما المتحقق من معنى الحديث كما قدمنا في المقام الأول فليس فيه ما يصح أن يعبر عنه بقولك: «خولط في عقله» وإنما ذاك خاطر عابر، لو فرض أنه بلغ الظن فهو في أمر خاص من أمور الدنيا لم يتعده إلى سائر أمور الدنيا فضلاً عن أمور الدين، ولا يلزم من حدوثه في ذاك الأمر جوازه في ما يتعلق بالتبليغ بل سبيله سبيل ظنه أن النخل لا يحتاج إلى التأبير، وظنه بعد أن صلى ركعتين أنه صلى أربعاً وغير ذلك من قضايا السهو في الصلاة، وراجع ص18-19 وفي القرآن ذكر غضب موسى على أخيه هارون وأخذ برأسه لظنه انه قصر مع أنه لم يصر، وفيه قول يعقوب لبنيه لما ذكروا له ما جرى لابنه الثاني (بل سولت لكم أنفسكم أمراً» يتهمهم بتدير مكيدة مع أنهم حينئذ أبرياء صادقين. وقد يكون من هذا بض كلمات موسى للخضر. وانرظ قوله تعالى عن يونس (فظن أن لن نقدر عليه»
القضية الثالثة: الحديث مخالف للقرآن (في نفيه السحر عنه صلى الله عليه وسلم وعده من افتراء المشركين عليه ... مع أن الذي قصده المشركون ظاهر، لأنهم كانوا يقولون: إن الشيطان يلابسه عليه السلام، وملابسة الشيطان تعرف بالسحر