القيام بما تيسر لها من الحفظ، ولما كان القرآن مقصوداً حفظ لفظه ومعناه، وفي ضياع لفظة واحدة منه فوات مقصود ديني، وهو مقدار محضور يسهل على الصحابة حفظه في الصدور وكتابته في الجملة كلفوا بحفظه بالطريقتين، وبذلك جرى العمل في حياة النبي صلى الله عليه وسلم فتوفاه الله تبارك وتعالى والقرآن كله محفوظ في الصدور مفرقا، إلا أن معظمه عند جماعة معروفين، وإنما حفظه جميعه بضعة أشخاص، ومحفوظ كله بالكتابة مفرقاً في القطع التي بأيدي الناس كم مر ص20. فلما استحر القتل بالقراء في اليمامة وخشي أن يستحر بهم في كل موطن ومن شأن ذلك مع صرف النظر عن حفظ الله تعالى أن يؤدي إلى نقص في الطريقة الأولى. رأى الصحابة أنهم إذا تركوا تلك القطع كما هي مفرقة بأيدي الناس كان من شأن ذلك احتمال أن يتلف بعضها فيقع النقص في الطريقة الثانية أيضاً. ورأوا أنه يمكنهم الاحتياط للطريقة الثانية بجمع تلك القطع وكتابة القرآن كله في صحف تحفظ عند الخليفة، وإذ كان ذلك ممكنا بدون مشقة شديدة، وهو من قبيل الكتابة التي ثبت الأمر بها ولا مفسدة البتة، علموا أنه من جماعة ما كلفوا به، فوفقهم الله تعالى للقيام بهذا
أما السنة فالمقصود منها معانيها، وفوات جملة من الأحاديث لا يتحقق به فوات مقصود ديني، إذ قد يكون في القرآن وفيما بقى من الأحاديث ما يفيد معاني الجملة التي فاتت. وهي مع ذلك/ منتشرة لا تتيسر كتابتها كما تقدم ص21 فاكتفى النبي صلى الله عليه وسلم من الصحابة بحفظها في الصدور كما تيسر بأ، يحفظ كل واحد ما وقف عليه ثم يبلغه عند الحاجة ولم يأمرهم بكتابتها، ولم يمكن حفظ معظمها مقصوراً على القرآن بل كا جماعة ليسوا من القراء عندهم من السنة أكثر مما عند بعض القراء
فالدلائل والقرائن التي فهم منها الصحابة أن عليهم أن يصنعوا ما صنعوا في جمع القرآن لم يتوفر لهم مثلها ولا ما يقاربها لكي يفهموا منه أن عليهم أن يجمعوا