قد استأذن عائشة أن يدفن مع جده النبي صلى الله عليه وسلم فأذنت، فلما مات قام مروان ومن معه من بني أمية في منع ذلك فثار أبو هريرة وجعل يقول: أتنفسون على ابن نبيكم بتربة تدفنونه فيها، وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من أحبهما فقد أحبني ومن أبغضهما فقد بغضني (انظر المستدرك 71:3) وجرى له يومئذ مع مروان ما جرى ما تقدم بعضه ص 149 وباقيه في البداية 108:8
ثم قال أبو رية ص192 «سيرته وولايته: استعمل عمر أبا هريرة على البحرين سنة 21 ثم بلغه عن أشياء تخل بأمانة الوالي العادل فعزله ... واستدعاه وقال له: ... »
أقول: قول أبي رية «بلغه عنه الخ» من تظنى أبو رية، وستعلم بطلانه. وأما ما ذكره بعد ذلك فلم يعزه إلى كتاب. وسأذكر ما أثتبه المتحرون من أهل العلم، وأقدم قبل ذلك مقدمة:
/ كان عمر رضي الله عنه يحب للصحابة ما يحب لنفسه، فكان يكره لأحدهم أن يدخل عليه مال فيه رائحة شبهة، وله في ذلك أخبار معروفة في سيرته، كان معاذ بن جبل من خيار أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال «يأتي معاذ يوم القيامة أمام العلماء برتوة» وقال أيضاً «وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل» وكان معاذ سمحاً كريماً، فركبته ديون، فقسم النبي صلى الله عليه وسلم ماله بين غرمائه، ثم بعثه على اليمن ليجيره، فعاذ بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ومعه مال لنفسه، فلقيه عمر فأشار عليه أن يدفع المال إلى أبي بكر ليجعله في بيت المال، فأبى وقال: إنما بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم ليجيرني. ثم رأى رؤيا فسمحت نفسه لذهب إلى أبي بكر وبذل له المال، فقال أبو بكر: قد وهبته لك. فقال عمر: الآن حل وطاب. يعني أن الشبهه التي كانت فيه هي احتمال أن يكون فيه حق لبيت المال فلما طيبه له أبو بكر - وهو الإمام- صار كأنه أعطاه من بيت المال، لاعتقاده