بفقيه أو مجتهد، قال ابن الهمام في التحرير « ... يقسم الراوي الصحابي إلى مجتهد كالأربعة والعبادلة، فيقدم على القياس مطلقاً، وعدل ضابط كأبي هريرة وأنس وسلمان وبلال فيقدم، إلا أن خالف كل الأقيسة على قول عيسى والقاضي أبي زيد ... » ثم قال بعد ذلك «أبو هريرة مجتهد» كما تقدم. وغير عيسى وأبي زيد ومن تبعه يرون تقديم الخبر مطلقاً. راجع فواتح الرحموت 145:2
ثم حكى أبو رية ما روى عن إبراهيم: «كان أصحابنا يدعون من حديث أبي هريرة، ما كانوا يأخذون بكل حديث أبي هريرة، كانوا يروون في حديث أبي هريرة شيئاً ما كانوا يأخذون بكل حديث أبي هريرة إلا ما كان من حديث صفة جنة أو نار أو حث على عمل صالح أو نهى عن شر جاء بالقرءان، دعني من حديث أبي هريرة، إنهم كانوا يتركون كثيراً من حديثه»
أقول: ذكره ابن كثير في البداية 109:8 بعض هذه الكلمات عن ابن عساكر، ولم يسق السند بتمامه، وباقيها أخذه أبو رية من شرح النهج لابن أبي الحديد 360:1 حكاه بن أبي الحديد عن الاسكافي، وراجع ص 109، وقد تقدم ص 121 أخذ إبراهيم بحديث أبي هريرة الذي أخبرت عائشة بخلافه فترك أبو هريرة / الافتاء به وقال «إنما حدثنيه الفضل بن عباس» وأخذ به يدل على ثقة بالغة بأبي هريرة وحديثه، ثم إن صحت تلك الكلمات أو بعضها فقوله «كان أصحابنا» يريد بهم أشياخه من الكوفيين وإليهم يرجع الضمير في قوله «كانوا» وحتى هذه الكلمات - إن صحت عن إبراهيم - أن تنتقد عليه لا على أبي هريرة. وقد تقدم بيان حال أبي هريرة عند الصحابة وثناؤهم عليه وسماعهم منه وروايتهم عنه، ويأتي لذلك مزيد، وبان سقوطه كل ماخالف ذلك من مزاعم أهل البدع وظهرت حجة أبي هريرة فيما انتقده بعضهم عليهم، ثم إن التابعين من أهل الحجاز وعلمائه وهم أبناء علماء الصحابة وتلاميذهم والذين حضروا مناظرتهم لأبي هريرة وعرفوا