18) وسقوط النجم ذى النوء بالغداة بعد الفجر وقبل طلوع الشمس وانمحاق الكواكب بضوئها وقد بقى من غلس الظلام شىء يسير. فقد حدّ ذلك الشاعر فى قوله، وهو ابن الرقاع:
وأبصر الناظر الشعرى مبيّنة ... لما دنا من صلوة الصبح ينصرف «1»
فى حمرة لا بياض الصبح أغرقها ... وقد علا الليل عنها فهو منكشف «2»
لا ييأس الليل منها حين تتبعه «3» ... ولا النهار بها للّيل يعترف
يريد أنها طلعت فى الفجر ببقية من سواد الليل وابتداء شىء من ضوء النهار. فالليل لا ييأس منها لبقيّته، والنهار لا يسلمها للّيل لابتدائه فكأنها شىء بين اثنين يتجاذبانه- ن.
19) وقد تدّبرت ما جاء فى الشعر من نسبة العرب المطر إلى نوء النجم، فوجدته نوعين: أحدهما أن يجعلوا نوء النجم علما للمطر ووقتا [له] ، كما يجعلون الشتاء للبرد وقتا، والقيظ للحرّ وقتا/ وكما يقولون لمطر الشتاء «الشتىّ» ، فينسبونه إليه لأنه وقت له. ومن ذهب منهم إلى هذا المذهب، ونوى فى النوء هذه النيّة، فقال: «مطرنا بنوء الثريا» يريد حين تبيّن «5» ناءت، لم يكن بذلك بأس، ولا عليه فيه إن شاء الله جناح، وإليه ذهب ابن عباس فى قوله للمرأة التى جعل زوجها أمرها