4 - وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ , قَالَا: حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ , حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ , حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ , عَنْ بُدَيْلِ بْنِ مَيْسَرَةَ , عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ , عَنْ عَائِشَةَ , قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْتَتِحُ الصَّلَاةَ بِالتَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ بِـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2]-[177]-وَيَخْتِمُهَا بِالتَّسْلِيمِ قَالَ أَبُو عُمَرَ: رِجَالُ إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ ثِقَاتٌ كُلُّهُمْ , لَا يُخْتَلَفُ فِي ذَلِكَ , إِلَّا أَنَّهُمْ يَقُولُونَ أَنَّ أَبَا الْجَوْزَاءِ لَا يُعْرَفُ لَهُ سَمَاعٌ مِنْ عَائِشَةَ , وَحَدِيثُهُ عَنْهَا إِرْسَالٌ وَأَمَّا الْفُقَهَاءُ فَيَقُولُونَ: إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَا حُجَّةَ فِيهِ لِمَنْ يَرَى إِسْقَاطَ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1] مِنْ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ , وَإِنَّمَا فِيهِ الْحُجَّةُ عَلَى مَنْ رَأَى أَنَّ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَغَيْرَهَا سَوَاءٌ , وَأَنَّهُ جَائِزٌ قِرَاءَتُهَا وَقِرَاءَةُ غَيْرِهَا دُونَهَا فِي الصَّلَاةِ وَيُجِيزُ أَنْ تُفْتَحَ الصَّلَاةُ بِغَيْرِهَا مِنَ الْقُرْآنِ , فَهَذَا الْحَدِيثُ -[178]- حُجَّةٌ عَلَى مَنْ قَالَ ذَلِكَ وَأَمَّا مَنْ قَالَ: إِنَّ الصَّلَاةَ لَا تُجْزِئُ إِلَّا بِأُمِّ الْقُرْآنِ , وَأَنَّهَا الَّتِي تُفْتَتَحُ بِهَا الْقِرَاءَةُ فِي الصَّلَوَاتِ دُونَ مَا سِوَاهَا مِنْ سُوَرِ الْقُرْآنِ , وَأَنَّ مَا سِوَاهَا مِنْ سُوَرِ الْقُرْآنِ إِنَّمَا يُقْرَأُ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَهَا فَلَا حُجَّةَ عَلَيْهِ بِهَذَا الْحَدِيثِ , وَلَا بِمَا كَانَ مِثْلَهُ , قَالُواَ: وَإِنَّمَا قَوْلُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْتَتِحُ الْقِرَاءَةَ بِـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] يَعْنِي دُونَ غَيْرِهَا مِنْ سُوَرِ الْقُرْآنِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ اسْمٌ لِسُورَةِ أُمِّ الْقُرْآنِ , وَفَاتِحَةُ الْكِتَابِ اسْمٌ لَهَا أَيْضًا , وَإِنَّمَا قَالَتْ عَائِشَةُ: يَفْتَتِحُ بِـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] وَلَمْ تَقُلْ: دُونَ أَنْ يَقْرَأَ -[179]- {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1] ؛ لِأَنَّهَا لَوْ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْتَتِحُ الْقِرَاءَةَ بِـ " {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1] " لَمْ تُفِدِ السَّامِعَ فَائِدَةً؛ لِأَنَّ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فِي أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ مُثْبَتَةٌ فِي الْمُصْحَفِ , وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِيهَا: هَلْ هِيَ آيَةٌ مِنْ أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ أَوْ آيَةٌ مُفْرَدَةٌ فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ كَاخْتِلَافِهِمْ هَلْ هِيَ آيَةٌ مِنْ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ؟ عَلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ , وَالْحَمْدُ لِلَّهِ. وَإِنَّمَا قَصَدَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا إِلَى الْإِعْلَامِ بِالسُّورَةِ الَّتِي يَفْتَتِحُ بِهَا الصَّلَاةَ , وَأَخْبَرَتْ بِأَيِّ السُّوَرِ تُفْتَتَحُ قِرَاءَةُ الصَّلَاةِ بِكَلَامٍ رَفَعَتْ فِيهِ الْإِشْكَالَ , فَقَصَدَتْ إِلَى مَا فِي فَاتِحَةِ الْكِتَابِ مِمَّا لَيْسَ فِي غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فِي غَيْرِهَا فَكَانَ قَوْلُهَا: بِـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] كَمَا لَوْ قَالَ قَائِلٌ: كَانَ يَفْتَتِحُ الصَّلَاةَ بِـ بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَلَمْ يَقُلْ: بِسُورَةِ التَّوْبَةِ , أَوْ قَالَ: كَانَ يَفْتَتِحُ الصَّلَاةَ بِـ سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَلَمْ يَقُلْ: بِسُورَةِ النُّورِ , أَوْ قَالَ: كَانَ يَفْتَتِحُ الصَّلَاةَ بِـ -[180]- الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا , وَلَمْ يَقُلْ: بِالْعَنْكَبُوتِ , أَوْ بِـ ق , أَوْ بِـ يس , أَوْ ص , أَوْ بِـ ن وَالْقَلَمِ وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ , فَكَذَلِكَ قَوْلُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْتَتِحُ الصَّلَاةَ بِـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] وَلَمْ تَقُلْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ , وَلَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ؛ لِأَنَّهَا قَصَدَتْ إِلَى إِعْلَامِ السَّامِعِ بِالسُّورَةِ الَّتِي يَفْتَتِحُ بِهَا قِرَاءَةَ الصَّلَاةِ فَسَمَّتْهَا بِذَلِكَ , وَلَيْسَ فِيهِ مَا يُسْقِطُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ , وَلَا مَا يُثْبِتُهَا كَمَا لَوْ قَالَتْ: كَانَ يَفْتَتِحُ بِـ ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ , أَوْ ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ , أَوْ الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ , أَوْ ن وَالْقَلَمِ , وَمَا كَانَ مِثْلَ ذَلِكَ , وَهَذَا كُلُّهُ لَا يُرْفَعُ احْتِمَالُهُ , فَبَطَلَ أَنْ يَكُونَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا هَذَا حُجَّةٌ لِمَنْ نَزَعَ بِهِ فِي سُقُوطِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَمَّا أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فَرُوِيَ عَنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ أَحَادِيثُ مُتَغَايِرَةٌ مُخْتَلِفَةٌ وَمُتَضَادَّةٌ تَأْتِي فِي أَبْوَابِهَا مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إِنْ -[181]- شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَأَمَّا مَا احْتَجَّ بِهِ مِنْهَا مَنْ رَأَى سُقُوطَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ أَوَّلِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَمِنْ ذَلِكَ