قَالَ فِي الْفَائِقِ، وَحَوَاشِي ابْنِ مُفْلِحٍ: هُوَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ: لَا تَبْطُلُ قَالَ الْمُصَنِّفُ: هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، لِأَنَّهُ عَلَّلَ صِحَّةَ صَلَاةِ مَنْ أَجَابَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِوُجُوبِ الْكَلَامِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا لَمْ يَجِبْ عَيْنًا، وَقَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: لُزُومُ الْإِجَابَةِ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَمْنَعُ الْفَسَادَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ رَأَى مَنْ يَقْتُلُ رَجُلًا مَنَعَهُ فَإِذَا فَعَلَ فَسَدَتْ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَإِنْ وَجَبَ الْكَلَامُ لِتَحْذِيرِ مَعْصُومٍ ضَرِيرٍ أَوْ صَغِيرٍ لَا تَكْفِيهِ الْإِشَارَةُ عَنْ وُقُوعِهِ فِي بِئْرٍ وَنَحْوِهَا فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا: الْعَفْوُ وَالْبِنَاءُ وَقَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ، وَمَجْمَعُ الْبَحْرَيْنِ.

الرَّابِعَةُ: لَوْ نَامَ فِيهَا فَتَكَلَّمَ، أَوْ سَبَقَ عَلَى لِسَانِهِ حَالَ قِرَاءَتِهِ، أَوْ غَلَبَهُ سُعَالٌ أَوْ عُطَاسٌ، أَوْ تَثَاؤُبٌ وَنَحْوُهُ فَبَانَ حَرْفَانِ: لَمْ تَبْطُلْ الصَّلَاةُ بِهِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ، وَقِيلَ: حُكْمُهُ حُكْمُ النَّاسِي، وَإِنْ لَمْ يَغْلِبْهُ ذَلِكَ بَطَلَتْ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: هُوَ كَالنَّفْخِ وَأَوْلَى. الْخَامِسَةُ: حَيْثُ قُلْنَا لَا تَبْطُلُ بِالْكَلَامِ، فَمَحَلُّهُ فِي الْكَلَامِ الْيَسِيرِ، وَأَمَّا الْكَلَامُ الْكَثِيرُ: فَتَبْطُلُ بِهِ مُطْلَقًا عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَقَطَعَ بِهِ جَمَاعَةٌ قَالَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ: هُوَ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ، وَعَنْهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَلِيلِ الْكَلَامِ وَكَثِيرِهِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي أَيْضًا وَغَيْرُهُ قَالَ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ: لَا فَرْقَ بَيْنَ الْكَلَامِ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ فِي حَقِّ النَّاسِي، فِي ظَاهِرِ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَقَالَ فِي الْمُجَرَّدِ: إنْ طَالَ مِنْ النَّاسِي أَفْسَدَ رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَهُمَا وَجْهَانِ فِي ابْنِ تَمِيمٍ وَغَيْرِهِ، وَأَطْلَقَهُمَا هُوَ وَالزَّرْكَشِيُّ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015