وَقَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ: وَالصَّحِيحُ: أَنَّهُ يَنْوِي الْخُرُوجَ بِالْأُولَى سِرًّا إنْ قُلْنَا يَخْرُجُ بِهَا مِنْ الصَّلَاةِ، أَوْ قُلْنَا لَا يَخْرُجُ إلَّا بِالثَّانِيَةِ، وَمِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ قَالَ: إنْ قُلْنَا الثَّانِيَةُ سُنَّةٌ نَوَى بِالْأُولَى الْخُرُوجَ، وَإِنْ قُلْنَا الثَّانِيَةُ فَرْضٌ نَوَى الْخُرُوجَ بِالثَّانِيَةِ خَاصَّةً.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ (وَإِنْ كَانَ فِي مَغْرِبٍ، أَوْ رُبَاعِيَّةٍ، نَهَضَ مُكَبِّرًا إذَا فَرَغَ مِنْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ) أَنَّهُ لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ إذَا نَهَضَ مُكَبِّرًا، وَهُوَ صَحِيحٌ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، وَعَنْهُ يَرْفَعُهُمَا اخْتَارَهُ الْمَجْدُ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَصَاحِبُ الْفَائِقِ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهُوَ أَظْهَرُ قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ فَإِنَّهُ قَدْ صَحَّ عَنْهُ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ " أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إذَا قَامَ مِنْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ.
قَوْلُهُ (إلَّا أَنَّهُ لَا يَجْهَرُ، وَلَا يَقْرَأُ شَيْئًا بَعْدَ الْفَاتِحَةِ) لَا يَجْهَرُ فِي الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ بِلَا نِزَاعٍ، وَلَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْرَأَ فِيهِمَا بَعْدَ الْفَاتِحَةِ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَعَنْهُ يُسَنُّ، ذَكَرَهَا الْقَاضِي فِي شَرْحِهِ الصَّغِيرِ، وَالْقَاضِي أَبِي الْحُسَيْنِ فِي فُرُوعِهِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَا تُكْرَهُ الْقِرَاءَةُ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ، بَلْ تُبَاحُ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ [فَائِدَةٌ: النَّفَلُ فِي الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ كَالْفَرْضِ فِي ظَاهِرِ كَلَامِ الْأَصْحَابِ، قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَقَالَ أَيْضًا: فِيمَا إذَا شَفَعَ الْمَغْرِبَ بِرَابِعَةٍ فِي إعَادَتِهَا يَقْرَأُ بِالْحَمْدِ وَسُورَةٍ كَالتَّطَوُّعِ نَقَلَهُ أَبُو دَاوُد وَقَطَعَ بِهِ] الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَغَيْرُهُ قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: هَذَا أَقْوَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَعَنْهُ يُكْرَهُ، وَلَعَلَّهُ أَوْلَى