وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَتَعَوَّذُ اخْتَارَهُ النَّاظِمُ، وَبَعَّدَ الرِّوَايَةَ الْأُولَى، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. قُلْت: وَهُوَ الْأَصَحُّ دَلِيلًا.
تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ قَدْ اسْتَعَاذَ فِي الْأُولَى، أَمَّا إذَا لَمْ يَسْتَعِذْ فِي الْأُولَى فَإِنَّهُ يَأْتِي بِهَا فِي الثَّانِيَةِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرُهُ: رِوَايَةً وَاحِدَةً. قُلْت: وَيُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ فَحَوَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ قَوْلِهِ ثُمَّ يُصَلِّي الثَّانِيَةَ كَالْأُولَى ثُمَّ اسْتَثْنَى الِاسْتِعَاذَةَ فَدَلَّ أَنَّهُ أَتَى بِهَا فِي الْأُولَى. فَائِدَةٌ. اسْتَثْنَى أَبُو الْخَطَّابِ أَيْضًا النِّيَّةَ، أَيْ تَجْدِيدَهَا، وَكَذَا صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَةِ، وَالْوَجِيزِ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَغَيْرُهُمْ. وَهُوَ مُرَادُ مَنْ أَطْلَقَ، وَهَذَا مِمَّا لَا نِزَاعَ فِيهِ، لَكِنْ قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَتَبِعَهُ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ لَوْ تَرَكَ أَبُو الْخَطَّابِ اسْتِثْنَاءَهَا لَكَانَ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الشَّرَائِطِ دُونَ الْأَرْكَانِ، وَلَا يُشْتَرَطُ مُفَارَقَتُهَا عِنْدَنَا لِجُزْءٍ مِنْ الْأُولَى، بَلْ يَجُوزُ أَنْ تَتَقَدَّمَهَا اكْتِفَاءً بِالدَّوَامِ الْحُكْمِيِّ، وَقَدْ تَسَاوَتْ الرَّكْعَتَانِ فِيهِ قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: قُلْت إنْ أَرَادَ أَبُو الْخَطَّابِ بِاسْتِثْنَائِهَا أَنَّهُ لَا تُسَنُّ ذِكْرًا فَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ اسْتِصْحَابَهَا ذِكْرٌ مَسْنُونٌ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ، وَإِنْ أَرَادَ حُكْمًا فَبَاطِلٌ، لِأَنَّ التَّكْرَارَ عِبَارَةٌ عَنْ إعَادَةِ شَيْءٍ فَرَغَ مِنْهُ وَانْقَضَى، وَلَوْ حَكَمَ بِانْقِضَاءِ النِّيَّةِ حُكْمًا لَبَطَلَتْ الصَّلَاةُ فَلَا حَاجَةَ إلَى الِاسْتِثْنَاءِ إذَنْ. انْتَهَى. قُلْت: إنَّمَا أَرَادَ أَبُو الْخَطَّابِ أَنَّهُ لَا يُجَدِّدُ لَهَا نِيَّةً كَمَا جَدَّدَهَا لِلرَّكْعَةِ الْأُولَى، وَهَذَا مِمَّا لَا نِزَاعَ فِيهِ. لَكِنَّ تَرْكَ اسْتِثْنَائِهَا أَوْلَى، لِمَا قَالَهُ الْمَجْدُ، وَكَذَلِكَ تَرَكَهَا خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ، مَعَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يُجَدِّدُ نِيَّةً لِلرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ