مَعَ أَنَّهُ الْآنَ أَيْسَرُ مِنْهُ فِي الزَّمَنِ الْأَوَّلِ، لِأَنَّ الْحَدِيثَ وَالْفِقْهَ قَدْ دُوِّنَا، وَكَذَا مَا يَتَعَلَّقُ بِالِاجْتِهَادِ مِنْ الْآيَاتِ، وَالْآثَارِ، وَأُصُولِ الْفِقْهِ، وَالْعَرَبِيَّةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، لَكِنْ الْهِمَمُ قَاصِرَةٌ، وَالرَّغَبَاتُ فَاتِرَةٌ، وَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ، قَدْ أَهْمَلُوهُ وَمَلُّوهُ، وَلَمْ يَعْقِلُوهُ لِيَفْعَلُوهُ. انْتَهَى.
قُلْت: قَدْ أَلْحَقَ طَائِفَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ الْمُتَأَخِّرِينَ بِأَصْحَابِ هَذَا الْقِسْمِ: الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ ابْنَ تَيْمِيَّةَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَتَصَرُّفَاتُهُ فِي فَتَاوِيهِ وَتَصَانِيفِهِ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، وَقِيلَ: الْمُفْتِي مَنْ تَمَكَّنَ مِنْ مَعْرِفَةِ أَحْكَامِ الْوَقَائِعِ عَلَى يُسْرٍ، مِنْ غَيْرِ تَعَلُّمٍ آخَرَ.
الْقِسْمُ الثَّانِي " مُجْتَهِدٌ فِي مَذْهَبِ إمَامِهِ، أَوْ إمَامٍ غَيْرِهِ "، وَأَحْوَالُهُ أَرْبَعَةٌ:
الْحَالَةُ الْأُولَى: أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مُقَلِّدٍ لِإِمَامِهِ فِي الْحُكْمِ وَالدَّلِيلِ، لَكِنْ سَلَكَ