قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلَعَلَّهُ أَخَذَ مِنْ إطْلَاقِ بَعْضِهِمْ الْوُجُوبَ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ بِمُتَّجَهٍ وَهُوَ كَمَا قَالَ إذْ لَمْ نَرَ أَحَدًا وَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ صَرِيحًا. فَائِدَتَانِ. الْأُولَى: يُجْزِئُ السُّجُودُ عَلَى بَعْضِ الْعُضْوِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ: وَلَوْ كَانَ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ، كَأَنْ يَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ حَالَةَ السُّجُودِ، وَنَقَلَ الشَّالَنْجِيُّ: إذَا وَضَعَ مَنْ يَدَيْهِ بِقَدْرِ الْجَبْهَةِ أَجْزَأَهُ قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَيَجُوزُ السُّجُودُ بِبَعْضِ الْكَفِّ، وَلَوْ عَلَى ظَهْرِهِ أَوْ أَطْرَافِ أَصَابِعِهِ، وَكَذَا عَلَى بَعْضِ أَطْرَافِ أَصَابِعِ قَدَمَيْهِ، وَبَعْضِ الْجَبْهَةِ، وَذَكَرَ فِي التَّلْخِيصِ: أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى بَاطِنِ الْكَفِّ، وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: لَا يُجْزِئُهُ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى أَطْرَافِ أَصَابِعِ يَدَيْهِ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَغْرِقَ الْيَدَيْنِ بِالسُّجُودِ، وَيُجْزِئُ السُّجُودُ عَلَى ظَهْرِ الْقَدَمِ. انْتَهَى. الثَّانِيَةُ: لَوْ عَجَزَ عَنْ السُّجُودِ بِالْجَبْهَةِ أَوْ مَا أَمْكَنَهُ، سَقَطَ السُّجُودُ بِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِهَا، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ: لَا يَسْقُطُ، فَيَلْزَمُهُ السُّجُودُ بِالْأَنْفِ، وَلَا يُجْزِئُ عَلَى الْأَنْفِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى السُّجُودِ بِالْجَبْهَةِ، قَوْلًا وَاحِدًا، وَلَوْ قَدَرَ عَلَى السُّجُودِ بِالْوَجْهِ تَبِعَهُ بَقِيَّةُ الْأَعْضَاءِ، وَلَوْ عَجَزَ عَنْ السُّجُودِ بِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ بِغَيْرِهِ، خِلَافًا لِتَعْلِيقِ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنْهُ وَضْعُهُ بِدُونِ بَعْضِهَا، وَيُمْكِنُ رَفْعُهُ بِدُونِ شَيْءٍ مِنْهَا.
قَوْلُهُ (وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ مُبَاشَرَةُ الْمُصَلَّى بِشَيْءٍ مِنْهَا إلَّا الْجَبْهَةَ، عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ) : وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْكَافِي، وَالْحَاوِي. إحْدَاهُمَا: لَا تَجِبُ الْمُبَاشَرَةُ بِهَا، يَعْنِي أَنَّهَا لَيْسَتْ بِرُكْنٍ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ. مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ، وَالْقَاضِي،