وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ: أَنَّهُ اخْتَارَهَا مِنْ رِوَايَةِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ أَضْبَطُ مِنْهُ، مَعَ عِلْمٍ وَعَمَلٍ وَزُهْدٍ، وَعَنْ أَحْمَدَ: أَنَّهُ اخْتَارَ قِرَاءَةَ أَهْلِ الْحِجَازِ قَالَ: وَهَذَا يَعُمُّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ، وَقَالَ لَهُ الْمَيْمُونِيُّ: أَيُّ الْقِرَاءَاتِ تَخْتَارُ لِي فَأَقْرَأُ بِهَا؟ قَالَ: قِرَاءَةُ أَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ لُغَةُ قُرَيْشٍ وَالْفُصَحَاءِ مِنْ الصَّحَابَةِ. انْتَهَى. وَفِي هَذَا كِفَايَةٌ.

قَوْلُهُ (ثُمَّ يَرْفَعُ يَدَيْهِ وَيَرْكَعُ، مُكَبِّرًا) فَيَكُونُ رَفْعُ يَدَيْهِ مَعَ ابْتِدَاءِ الرُّكُوعِ عِنْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْقِرَاءَةِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ، وَعَنْهُ يَرْفَعُ مُكَبِّرًا بَعْدَ سَكْتَةٍ يَسِيرَةٍ. فَائِدَةٌ: قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ، وَغَيْرُهُمْ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ تَكْبِيرُ الْخَفْضِ وَالرَّفْعِ وَالنُّهُوضِ ابْتِدَاؤُهُ مَعَ ابْتِدَاءِ الِانْتِقَالِ، وَانْتِهَاؤُهُ مَعَ انْتِهَائِهِ. فَإِنْ كَمَّلَهُ فِي جُزْءٍ مِنْهُ أَجْزَأَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ بِهِ عَنْ مَحَلِّهِ بِلَا نِزَاعٍ وَإِنْ شَرَعَ فِيهِ قَبْلَهُ، أَوْ كَمَّلَهُ بَعْدَهُ، فَوَقَعَ بَعْضُهُ خَارِجًا عَنْهُ، فَهُوَ كَتَرْكِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُكْمِلْهُ فِي مَحَلِّهِ. فَأَشْبَهَ مَنْ تَمَّمَ قِرَاءَتَهُ رَاكِعًا، أَوْ أَخَذَ فِي التَّشَهُّدِ قَبْلَ قُعُودِهِ. وَقَالُوا: هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُذْهَبِ كَمَا لَا يَأْتِي بِتَكْبِيرَةِ رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ فِيهِ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَفَاقَا.

وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُعْفَى عَنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّحَرُّزَ مِنْهُ يَعْسُرُ، وَالسَّهْوَ بِهِ يَكْثُرُ، فَفِي الْإِبْطَالِ بِهِ أَوْ السُّجُودِ لَهُ مَشَقَّةٌ. قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: فِيهِ وَجْهَانِ، أَظْهَرُهُمَا: الصِّحَّةُ، وَتَابَعَهُ ابْنُ مُفْلِحٍ فِي الْحَوَاشِي.

قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، ذَكَرَهُ فِي وَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ، وَحُكْمُ التَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ حُكْمُ التَّكْبِيرِ، ذَكَرَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ، وَتَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبَابِ: لَوْ أَتَى بِبَعْضِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ رَاكِعًا.

قَوْلُهُ (وَقَدْرُ الْإِجْزَاءِ الِانْحِنَاءُ، بِحَيْثُ يُمْكِنُهُ مَسُّ رُكْبَتَيْهِ) مُرَادُهُ: إذَا كَانَ الرَّاكِعُ مِنْ أَوْسَطِ النَّاسِ وَقَدْرُهُ مِنْ غَيْرِهِ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015