وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ: لَا تَجْتَمِعُ، وَهُوَ شَبِيهُ مَقَالَةِ الْمُعْتَزِلَةِ
قَوْلُهُ (وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ فَاسِقٍ، سَوَاءٌ كَانَ فِسْقُهُ مِنْ جِهَةِ الْأَفْعَالِ أَوْ الِاعْتِقَادِ) ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، (وَيَتَخَرَّجُ عَلَى قَبُولِ شَهَادَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ قَبُولُ شَهَادَةِ الْفَاسِقِ مِنْ جِهَةِ الِاعْتِقَادِ الْمُتَدَيَّنِ بِهِ، إذَا لَمْ يَتَدَيَّنْ بِالشَّهَادَةِ لِمُوَافِقِهِ عَلَى مُخَالِفِهِ) ، كَالْخَطَّابِيَّةِ، وَكَذَا قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ.
فَائِدَةٌ:
مَنْ قَلَّدَ فِي خَلْقِ الْقُرْآنِ، وَنَفْيِ الرُّؤْيَةِ وَنَحْوِهِمَا: فَسَقَ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، قَالَهُ فِي الْوَاضِحِ وَعَنْهُ: يَكْفُرُ كَمُجْتَهِدٍ، وَعَنْهُ: فِيهِ لَا يَكْفُرُ، اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ فِي رِسَالَتِهِ إلَى صَاحِبِ التَّلْخِيصِ، لِقَوْلِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِلْمُعْتَصِمِ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَنَقَلَ يَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ فِيمَنْ يَقُولُ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ كُنْت لَا أُكَفِّرُهُ حَتَّى قَرَأْت {أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ} [النساء: 166] وَغَيْرَهَا، فَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَا يَدْرِي: عِلْمُ اللَّهِ مَخْلُوقٌ أَوْ لَا؟ كَفَرَ وَقَالَ فِي الْفُصُولِ فِي الْكَفَاءَةِ، فِي جَهْمِيَّةٍ وَوَاقِفِيَّةٍ وَحَرُورِيَّةٍ وَقَدَرِيَّةٍ وَرَافِضِيَّةٍ إنْ نَاظَرَ وَدَعَا: كَفَرَ، وَإِلَّا لَمْ يَفْسُقْ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ: يُسْمَعُ حَدِيثُهُ وَيُصَلَّى خَلْفَهُ، قَالَ: وَعِنْدِي أَنَّ عَامَّةَ الْمُبْتَدِعَةِ فَسَقَةٌ كَعَامَّةِ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ كُفَّارٌ مَعَ جَهْلِهِمْ، قَالَ: وَالصَّحِيحُ لَا كُفْرَ، لِأَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أَجَازَ الرِّوَايَةَ عَنْ الْحَرُورِيَّةِ وَالْخَوَارِجِ