وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي التَّذْكِرَةِ: تَكُونُ عَلَيْهِ، وَيَدْفَعُهَا إلَى وَرَثَتِهِ. تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ " أَحَدُهُمَا يُلْغَى فِعْلُ نَفْسِهِ. وَعَلَى عَاقِلَةِ صَاحِبَيْهِ ثُلُثَا الدِّيَةِ ". يَعْنِي: يُلْغَى فِعْلُ نَفْسِهِ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ: وَأَمَّا كَوْنُ أَحَدِهِمْ إذَا قَتَلَهُ الْحَجَرُ يُلْغَى فِعْلُ نَفْسِهِ فِي وَجْهٍ: فَقِيَاسٌ عَلَى الْمُتَصَادِمَيْنِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ. فَعَلَى هَذَا: يَجِبُ كَمَالُ الدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَةِ صَاحِبَيْهِ، صَرَّحَ بِذَلِكَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي. وَلَمْ يُرَتِّبْ الْمُصَنِّفُ هُنَا عَلَى إلْغَاءِ فِعْلِ نَفْسِهِ كَمَالَ الدِّيَةِ، بَلْ رَتَّبَ عَلَيْهِ وُجُوبَ ثُلُثَيْ الدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَةِ صَاحِبَيْهِ. قَالَ: وَلَا أَعْلَمُ لَهُ وَجْهًا. بَلْ وَجْهُ إيجَابِ ثُلُثَيْ الدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَةِ صَاحِبَيْهِ: أَنْ يَجْعَلَ مَا قَابَلَ فِعْلَ الْمَقْتُولِ سَاقِطًا لَا يَضْمَنُهُ أَحَدٌ؛ لِأَنَّهُ شَارَكَ فِي إتْلَافِ نَفْسِهِ. فَلَمْ يَضْمَنْ مَا قَابَلَ فِعْلَهُ كَمَا لَوْ شَارَكَ فِي قَتْلِ بَهِيمَتِهِ أَوْ عَبْدِهِ.
وَهَذَا صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي. وَنَسَبَهُ إلَى الْقَاضِي. انْتَهَى كَلَامُ ابْنِ مُنَجَّا. وَلَيْسَ فِيهِ كَبِيرُ جَدْوَى. وَلَا يُرَدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ مَا قَالَ. فَإِنَّ مُرَادَهُ بِقَوْلِهِ " يُلْغَى فِعْلُ نَفْسِهِ " أَنَّهُ يَسْقُطُ فِعْلُ نَفْسِهِ، وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ. بِدَلِيلِ قَوْلِهِ " وَعَلَى عَاقِلَةِ صَاحِبَيْهِ ثُلُثَا الدِّيَةِ ". وَلَا يَلْزَمُ مِنْ إلْغَاءِ فِعْلِ نَفْسِهِ وُجُوبُ كَمَالِ الدِّيَةِ. وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ: فَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ الْحُكْمَ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
فَائِدَةٌ: لَوْ قَتَلَ الْحَجَرُ الثَّلَاثَةَ، فَعَلَى قَوْلِ الْقَاضِي: عَلَى عَاقِلَةِ كُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثَا الدِّيَةِ، وَثُلُثُهَا هَدَرٌ. وَعَلَى قَوْلِ أَبِي الْخَطَّابِ: عَلَى عَاقِلَةِ كُلِّ وَاحِدٍ كَمَالُ الدِّيَةِ لِلْآخَرَيْنِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي.
قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ: فَالدِّيَةُ حَالَّةٌ فِي أَمْوَالِهِمْ)