قُلْت: وَهَذَا الْمَذْهَبُ، لِاتِّفَاقِ الشَّيْخَيْنِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ بِعَنْهُ وَعَنْهُ.
فَائِدَةٌ:
قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ " تُحْبَسُ حَتَّى تُقِرَّ "، وَيَكُونُ إقْرَارُهَا بِالزِّنَا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، وَلَا يُقَامُ نُكُولُهَا مُقَامَ إقْرَارِهِ مَرَّةً، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ، وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْفُرُوعِ، قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: وَمِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ أَقَامَ النُّكُولَ مُقَامَ إقْرَارِهَا مَرَّةً، وَقَالَ: إذَا أَقَرَّتْ بَعْدَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ: لَزِمَهَا الْحَدُّ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي بَكْرٍ فِي التَّنْبِيهِ، قَالَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَأَشْكَلَ تَوْجِيهُ هَذَا الْقَوْلِ عَلَى الزَّرْكَشِيّ وَابْنِ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَطَّلِعَا عَلَى كَلَامِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ.
فَائِدَةٌ:
مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْحُكْمِ: لَوْ أَقَرَّتْ دُونَ أَرْبَعِ مَرَّاتٍ مِنْ غَيْرِ تَقَدُّمِ نُكُولٍ مِنْهَا. قَوْلُهُ (وَلَا يُعْرَضُ لِلزَّوْجِ حَتَّى تُطَالِبَهُ الزَّوْجَةُ) ، فَلَوْ كَانَتْ مَجْنُونَةً، أَوْ مَحْجُورًا عَلَيْهَا، أَوْ صَغِيرَةً أَوْ أَمَةً، فَإِنْ أَرَادَ اللِّعَانَ مِنْ غَيْرِ طَلَبِهَا، فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ يُرِيدُ نَفْيَهُ فَلَهُ ذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ، فَقَالَ الْقَاضِي: يُشْرَعُ لَهُ أَنْ يُلَاعِنَ، وَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ لَهُ أَنْ يُلَاعِنَ، فَيَحْتَمِلُ مَا قَالَهُ الْقَاضِي، وَقَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يُشْرَعَ اللِّعَانُ هُنَا، قَالَ: وَهُوَ الْمَذْهَبُ، قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ، وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ: لَا يُشْرَعُ مَعَ وُجُودِ الْوَلَدِ عَلَى أَكْثَرِ نُصُوصِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ لِأَنَّهُ أَحَدُ مُوجِبَيْ الْقَذْفِ، فَلَا يُشْرَعُ مَعَ عَدَمِ الْمُطَالَبَةِ كَالْحَدِّ،