قَالَ فِي الْبُلْغَةِ: لَوْ عَتَقَ بَعْدَ طَلْقَتَيْنِ لَمْ يَمْلِكْ نِكَاحَهَا عَلَى الْأَصَحِّ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: أَظْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ الْمَنْعُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَعَنْهُ يَمْلِكُ عَلَيْهَا طَلْقَةً ثَالِثَةً فَتَحِلُّ لَهُ، وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي آخِرِ بَابِ الرَّجْعَةِ، وَالْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
تَنْبِيهٌ: قَدْ يُقَالُ: شَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَا لَوْ كَانَ حُرًّا حَالَ الزَّوَاجِ، ثُمَّ صَارَ رَقِيقًا بِأَنْ يَلْحَقَ الذِّمِّيُّ بِدَارِ الْحَرْبِ فَيُسْتَرَقُّ، وَقَدْ كَانَ طَلَّقَ اثْنَتَيْنِ وَقُلْنَا: يَنْكِحُ عَبْدٌ حُرَّةً نَكَحَهَا هُنَا، وَبَقِيَ لَهُ طَلْقَةٌ، ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَمَنْ تَابَعَهُ، وَفِي التَّرْغِيبِ وَجْهَانِ، قُلْتُ: وَيَأْتِي عَكْسُ ذَلِكَ، بِأَنْ تَلْحَقَ الذِّمِّيَّةُ دَارَ الْحَرْبِ، ثُمَّ تُسْتَرَقُّ وَكَانَ زَوْجُهَا مِمَّنْ يُبَاحُ لَهُ نِكَاحُ الْإِمَاءِ هَلْ يَمْلِكُ عَلَيْهَا ثَلَاثًا أَوْ طَلْقَتَيْنِ؟ .
فَائِدَةٌ: الْمُعْتَقُ بَعْضُهُ كَالْحُرِّ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالْبُلْغَةِ، وَالشَّرْحِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَالَ فِي الْكَافِي: هُوَ كَالْقِنِّ. قَوْلُهُ (وَإِنْ) (قَالَ: أَنْتِ الطَّلَاقُ، أَوْ الطَّلَاقُ لِي لَازِمٌ) ، وَكَذَا قَوْلُهُ " الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي " أَوْ " يَلْزَمُنِي الطَّلَاقُ " أَوْ " عَلَيَّ الطَّلَاقُ " وَنَحْوُهُ وَنَوَى الثَّلَاثَ: طَلُقَتْ ثَلَاثًا، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا، أَوْ قَالَ " أَنْتِ طَالِقٌ " وَنَوَى الثَّلَاثَ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ. اعْلَمْ أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ قَوْلَهُ " أَنْتِ الطَّلَاقُ " أَوْ " الطَّلَاقُ لِي لَازِمٌ " أَوْ " يَلْزَمُنِي الطَّلَاقُ " أَوْ " عَلَيَّ الطَّلَاقُ " وَنَحْوُهُ: صَرِيحٌ فِي الطَّلَاقِ، مُنْجَزًا كَانَ أَوْ مُعَلَّقًا بِشَرْطٍ أَوْ مَحْلُوفًا بِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، لَكِنْ هَلْ هُوَ صَرِيحٌ فِي الثَّلَاثِ، أَوْ فِي وَاحِدَةٍ؟ يَأْتِي ذَلِكَ، وَقِيلَ: ذَلِكَ كِنَايَةٌ،