وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ أَيْضًا عَلَى قَوْلِهِ " أَنْتِ طَالِقٌ بِلَا رَجْعَةٍ " فِي الْكِنَايَاتِ الظَّاهِرَةِ.
الثَّانِيَةُ: لَوْ قَالَ " أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً بَائِنَةً " أَوْ " وَاحِدَةً بَتَّةً " وَقَعَ رَجْعِيًّا. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ: يَقَعُ طَلْقَةً بَائِنَةً. وَعَنْهُ: يَقَعُ ثَلَاثًا. وَقَدَّمَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: أَنَّهُ إذَا قَالَ " أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً بَائِنَةً " أَنَّهَا تَقَعُ. ثُمَّ قَالَ: وَعَنْهُ رَجْعِيَّةً.
الثَّالِثَةُ: لَوْ قَالَ " أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً ثَلَاثًا " وَقَعَ ثَلَاثٌ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقَالَ فِي الْفُصُولِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ فِي قَوْلِهِ " أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَاحِدَةً " يَقَعُ وَاحِدَةً؛ لِأَنَّهُ وَصَفَ الْوَاحِدَةَ بِالثَّلَاثِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا وَصَفَ الثَّلَاثَ بِالْوَاحِدَةِ. فَوَقَعَتْ الثَّلَاثُ، وَلَغَا الْوَصْفُ. وَهُوَ أَصَحُّ.
الرَّابِعَةُ: كَرِهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أَنْ يُفْتِيَ فِي الْكِنَايَاتِ الظَّاهِرَةِ، وَتَوَقَّفَ. وَإِنَّمَا تَوَقَّفَ لِاخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فِي ذَلِكَ.
قَوْلُهُ (وَيَقَعُ بِالْخَفِيَّةِ مَا نَوَاهُ) . هَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا. جَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَغَيْرِهِمْ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لَا نِزَاعَ عِنْدَهُمْ أَنَّ الْخَفِيَّةَ يَقَعُ بِهَا مَا نَوَاهُ. وَلَيْسَ كَمَا قَالَ. وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالنَّظْمِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ النَّاظِمُ: وَتَطْلِيقَةٌ رَجْعِيَّةٌ فِي الْمُجَرَّدِ