قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ الْمَشْهُورُ الْمَعْرُوفُ حَتَّى إنَّ أَبَا مُحَمَّدٍ حَكَاهُ عَنْ الْأَصْحَابِ وُقُوعُ الْخُلْعِ مَعَ الْكَرَاهَةِ [كَالطَّلَاقِ أَوْ بِلَا عِوَضٍ] . انْتَهَى.
وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَقَالَ: هُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَنْهُ: لَا يَجُوزُ، وَلَا يَصِحُّ. وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْهِدَايَةِ. وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْمُصَنِّفِ، وَالشَّارِحِ. وَاخْتَارَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ بَطَّةَ. وَأَنْكَرَ جَوَازَ الْخُلْعِ مَعَ اسْتِقَامَةِ الْحَالِ. وَصَنَّفَ فِيهِ مُصَنَّفًا. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْبُلْغَةِ. وَاعْتَبَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: خَوْفَ قَادِرٍ عَلَى الْقِيَامِ بِالْوَاجِبِ أَنْ لَا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ. فَلَا يَجُوزُ انْفِرَادُهَا بِهِ.
قَوْلُهُ (فَأَمَّا إنْ عَضَلَهَا لِتَفْتَدِي نَفْسَهَا مِنْهُ، فَفَعَلَتْ: فَالْخُلْعُ بَاطِلٌ وَالْعِوَضُ مَرْدُودٌ، وَالزَّوْجِيَّةُ بِحَالِهَا) . اعْلَمْ أَنَّ لِلْمُخْتَلِعَةِ مَعَ زَوْجِهَا: أَحَدَ عَشَرَ حَالًا. أَحَدُهَا: أَنْ تَكُونَ كَارِهَةً لَهُ، مُبْغِضَةً لِخُلُقِهِ وَخَلْقِهِ، أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ صِفَاتِهِ. وَتَخْشَى أَنْ لَا تُقِيمَ حُدُودَ اللَّهِ فِي حُقُوقِهِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهَا. فَالْخُلْعُ فِي هَذَا الْحَالِ مُبَاحٌ، أَوْ مُسْتَحَبٌّ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ. الْحَالُ الثَّانِي: كَالْأَوَّلِ، وَلَكِنْ لِلرَّجُلِ مَيْلٌ إلَيْهَا وَمَحَبَّةٌ. فَهَذِهِ أَدْخَلَهَا الْقَاضِي فِي الْمُبَاحِ، كَمَا تَقَدَّمَ. وَنَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: عَلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ لَا تَخْتَلِعَ مِنْهُ، وَأَنْ تَصْبِرَ. قَالَ الْقَاضِي: قَوْلُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ " يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تَصْبِرَ " عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِحْبَابِ وَالِاخْتِيَارِ. وَلَمْ يُرِدْ بِهَذَا الْكَرَاهَةَ لِأَنَّهُ قَدْ نَصَّ عَلَى جَوَازِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ. وَيُحْتَمَلُ دُخُولُ هَذِهِ الصُّورَةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَكَرَاهَةُ الْخُلْعِ فِي حَقِّ هَذِهِ مُتَوَجِّهَةٌ.