الْأُولَى وَالثَّالِثَةُ: حَيْضَةٌ وَاحِدَةٌ، تُلَفِّقُ الدَّمَ الثَّانِيَ إلَى الْأَوَّلِ، وَإِنْ رَأَتْ الثَّانِيَ سِتَّةً أَوْ سَبْعَةً، لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يَكُونَ حَيْضًا. وَلَوْ كَانَتْ رَأَتْ يَوْمًا دَمًا وَثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا طُهْرًا، ثُمَّ رَأَتْ يَوْمًا دَمًا وَتَكَرَّرَ هَذَا، كَانَا حَيْضَتَيْنِ.

لِوُجُودِ طُهْرٍ صَحِيحٍ بَيْنَهُمَا. وَلَوْ كَانَتْ رَأَتْ يَوْمَيْنِ دَمًا، ثُمَّ اثْنَتَيْ عَشَرَ طُهْرًا، ثُمَّ يَوْمَيْنِ دَمًا. فَهُنَا لَا يُمْكِنُ جَعْلُهَا حَيْضَةً وَاحِدَةً؛ لِزِيَادَةِ الدَّمَيْنِ، مَعَ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ الطُّهْرِ عَلَى أَكْثَرِ الْحَيْضِ، وَلَا جَعْلُهُمَا حَيْضَتَيْنِ عَلَى الْمَذْهَبِ، لِانْتِفَاءِ طُهْرٍ صَحِيحٍ. فَيَكُونُ حَيْضُهَا مِنْهُمَا: مَا وَافَقَ الْعَادَةَ وَالْآخَرُ اسْتِحَاضَةً.

فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا: اخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ فِي مُرَادِ الْخِرَقِيِّ بِقَوْلِهِ " فَإِنْ عَاوَدَهَا الدَّمُ فَلَا تَلْتَفِتُ إلَيْهِ حَتَّى تَجِيءَ أَيَّامُهَا " فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ التَّمِيمِيُّ، وَالْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ: مُرَادُهُ إذَا عَاوَدَهَا بَعْدَ الْعَادَةِ، وَعَبَرَ أَكْثَرَ الْحَيْضِ. بِدَلِيلِ أَنَّهُ مَنَعَهَا أَنْ تَلْتَفِتَ إلَيْهِ مُطْلَقًا. وَلَوْ أَرَادَ غَيْرَ ذَلِكَ لَقَالَ: حَتَّى يَتَكَرَّرَ. وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. قَالَ الْقَاضِي: وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ إذَا عَاوَدَهَا بَعْدَ الْعَادَةِ وَلَمْ يَعْبُرْ. فَإِنَّهَا لَا تَلْتَفِتُ إلَيْهِ قَبْلَ التَّكْرَارِ. وَقَالَ أَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ: أَرَادَ مُعَاوَدَةَ الدَّمِ فِي كُلِّ حَالٍ، سَوَاءٌ كَانَ فِي الْعَادَةِ أَوْ بَعْدَهَا؛ لِأَنَّ لَفْظَهُ مُطْلَقٌ. فَيُتَنَاوَلُ بِإِطْلَاقِهِ الزَّمَانَ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي: وَهَذَا أَظْهَرُ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ الظَّاهِرُ، اعْتِمَادًا عَلَى الْإِطْلَاقِ. وَسَكَتَ عَنْ التَّكْرَارِ لِتَقَدُّمِهِ لَهُ فِيمَا إذَا زَادَتْ الْعَادَةُ أَوْ تَقَدَّمَتْ. وَعَلَى هَذَا: إذَا عَبَرَ أَكْثَرَ الْحَيْضِ لَا يَكُونُ حَيْضًا انْتَهَى. وَاخْتَارَهُ الْأَصْفَهَانِيُّ فِي شَرْحِهِ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. الثَّانِيَةُ: إذَا عَاوَدَهَا الدَّمُ فِي أَثْنَاءِ الْعَادَةِ وَقُلْنَا لَا تَحْتَاجُ إلَى تَكْرَارٍ وَجَبَ قَضَاءُ مَا صَامَتْهُ فِي الطُّهْرِ وَطَافَتْهُ فِيهِ. ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى. وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَقِيَاسُ قَوْلِ أَحْمَدَ فِي مَسْأَلَةِ النِّفَاسِ: لَا يَجِبُ قَضَاءُ ذَلِكَ. قَالَ: وَهُوَ أَصَحُّ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015