تَنْبِيهٌ:
ظَاهِرُ قَوْلِهِ (وَإِنْ جَاوَزَ دَمُهَا أَكْثَرَ الْحَيْضِ فَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ) فَإِنْ كَانَ دَمُهَا مُتَمَيِّزًا، بَعْضُهُ ثَخِينٌ أَسْوَدُ مُنْتِنٌ، وَبَعْضُهُ رَقِيقٌ أَحْمَرُ. (فَحَيْضُهَا زَمَنَ الدَّمِ الْأَسْوَدِ) أَنَّهَا تَجْلِسُ الدَّمَ الْمُتَمَيِّزَ الْأَسْوَدَ إذَا صَلَحَ أَنْ يَكُونَ حَيْضًا مِنْ غَيْرِ تَكْرَارٍ، وَهُوَ صَحِيحٌ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ.
قَالَ الشَّارِحُ: هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ شَيْخِنَا هُنَا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ، وَالْخِرَقِيِّ، وَاخْتِيَارُ ابْنِ عَقِيلٍ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلَا يُعْتَبَرُ تَكْرَارُهُ فِي الْأَصَحِّ، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: لَا يُفْتَقَرُ التَّمْيِيزُ إلَى تَكْرَارِهِ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ. وَقَالَ الْقَاضِي، وَأَبُو الْحَسَنِ الْآمِدِيُّ: إنَّهَا تَجْلِسُ مِنْ التَّمْيِيزِ إذَا تَكَرَّرَ ثَلَاثًا أَوْ مَرَّتَيْنِ، عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَتَيْنِ، فِيمَا تَثْبُتُ بِهِ الْعَادَةُ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ، وَابْنُ رَزِينٍ. وَأَطْلَقَهُمَا الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَالزَّرْكَشِيُّ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَتَثْبُتُ الْعَادَةُ بِالتَّمْيِيزِ، لِثُبُوتِهَا بِانْقِطَاعِ الدَّمِ. وَيُعْتَبَرُ التَّكْرَارُ فِي الْعَادَةِ، كَمَا سَبَقَ فِي اعْتِبَارِهِ فِي التَّمْيِيزِ خِلَافٌ ثَانٍ. فَإِنْ لَمْ يُعْتَبَرْ فَهَلْ يُقَدَّمُ وَقْتُ هَذِهِ الْعَادَةِ عَلَى التَّمْيِيزِ بَعْدَهَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ، وَهَلْ يُعْتَبَرُ فِي الْعَادَةِ التَّوَالِي؟ فِيهِ وَجْهَانِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَعَدَمُهُ أَشْهَرُ. انْتَهَى.
وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَلَا يُعْتَبَرُ فِي الْعَادَةِ التَّوَالِي فِي الْأَشْهُرِ. وَيَأْتِي نَظِيرُ ذَلِكَ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ الْمُعْتَادَةِ. فَإِنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي الْحُكْمِ. قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ، وَغَيْرُهُمْ وَيَأْتِي قَرِيبًا: هَلْ يُعْتَبَرُ فِي جُلُوسِ مَنْ لَمْ يَكُنْ دَمُهَا مُتَمَيِّزًا تَكْرَارُ الْمُسْتَحَاضَةِ. أَمْ لَا؟
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا: تَجْلِسُ الْمُمَيِّزَةُ زَمَنَ الدَّمِ الْأَسْوَدِ، أَوْ الدَّمِ الثَّخِينِ، أَوْ الدَّمِ الْمُنْتِنِ، بِشَرْطِ أَنْ يَبْلُغَ أَقَلَّ الْحَيْضِ، وَلَمْ يُجَاوِزْ أَكْثَرَهُ عَلَى الصَّحِيحِ فِي ذَلِكَ. وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي: أَنَّهُ يُعْتَبَرُ اللَّوْنُ فَقَطْ. وَقِيلَ: وَلَمْ يَنْقُصْ غَيْرُهُ عَنْ أَقَلِّ الطُّهْرِ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ تَمِيمٍ، وَالنَّاظِمُ، وَغَيْرُهُمَا. وَلَوْ جَاوَزَ التَّمْيِيزُ أَكْثَرَ الْحَيْضِ بَطَلَتْ دَلَالَةُ التَّمْيِيزِ