قُلْت: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ هُنَا. لِاقْتِصَارِهِمْ عَلَى بَيْعِهِ وَشِرَاءِ بَدَلِهِ. وَصَرَّحَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ، فَقَالَ فِي كِتَابِ الْبَيْعِ: وَيُصْرَفُ ثَمَنُهُ فِي مِثْلِهِ. وَيَصِيرُ وَقْفًا كَالْأَوَّلِ. وَصَرَّحَ بِهِ أَيْضًا فِي الرِّعَايَةِ فِي مَوْضِعَيْنِ، فَقَالَ: فَلِنَاظِرِهِ الْخَاصِّ بَيْعُهُ وَصَرْفُ ثَمَنِهِ فِي مِثْلِهِ، أَوْ بَعْضِ مِثْلِهِ. وَيَكُونُ مَا اشْتَرَاهُ وَقْفًا كَالْأَوَّلِ. وَقَالَ فِي أَثْنَاءِ الْوَقْفِ فَإِنْ وَطِئَ فَلَا حَدَّ، وَلَا مَهْرَ. ثُمَّ قَالَ: وَفِي أُمِّ وَلَدِهِ تَعْتِقُ بِمَوْتِهِ. وَتُؤْخَذُ قِيمَتُهَا مِنْ تَرِكَتِهِ. يُصْرَفُ فِي مِثْلِهِ. يَكُونُ بِالشِّرَاءِ وَقْفًا مَكَانَهَا. وَهَذَا صَرِيحٌ بِلَا شَكَّ. وَقَالَ الْحَلْوَانِيُّ فِي كِفَايَةِ الْمُبْتَدِئِ: وَإِذَا تَخَرَّبَ الْوَقْفُ، وَانْعَدَمَتْ مَنْفَعَتُهُ: بِيعَ وَاشْتُرِيَ بِثَمَنِهِ مَا يُرَدُّ عَلَى أَهْلِ الْوَقْفِ. كَانَ وَقْفًا كَالْأَوَّلِ. وَقَالَ فِي الْمُبْهِجِ: وَيُشْتَرَى بِثَمَنِهِ مَا يَكُونُ وَقْفًا. قَالَ شَيْخُنَا الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ قُنْدُسٍ الْبَعْلِيُّ فِي حَوَاشِيهِ عَلَى الْمُحَرَّرِ الَّذِي يَظْهَرُ: أَنَّهُ مَتَى وَقَعَ الشِّرَاءُ لِجِهَةِ الْوَقْفِ عَلَى الْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ، وَلَزِمَ الْعَقْدُ: أَنَّهُ يَصِيرُ وَقْفًا. لِأَنَّهُ كَالْوَكِيلِ فِي الشِّرَاءِ، وَالْوَكِيلُ يَقَعُ شِرَاؤُهُ لِلْمُوَكِّلِ. فَكَذَا هَذَا يَقَعُ شِرَاؤُهُ لِلْجِهَةِ الْمُشْتَرَى لَهَا. وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا وَقْفًا. انْتَهَى. وَهُوَ الصَّوَابُ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا بُدَّ مِنْ تَجْدِيدِ الْوَقْفِيَّةِ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. فَإِنَّهُ قَالَ: وَإِذَا خَرِبَ الْوَقْفُ وَلَمْ يَرُدَّ شَيْئًا: بِيعَ وَاشْتُرِيَ بِثَمَنِهِ مَا يُرَدُّ عَلَى أَهْلِ الْوَقْفِ وَجُعِلَ وَقْفًا كَالْأَوَّلِ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُجَرَّدِ أَيْضًا، فَإِنَّهُ قَالَ: بِيعَتْ وَصُرِفَ ثَمَنُهَا إلَى شِرَاءِ دَارٍ. وَتُجْعَلُ وَقْفًا مَكَانَهَا. قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَبِهِ أَقُولُ. لِأَنَّ الشِّرَاءَ لَا يَصْلُحُ سَبَبًا لِإِفَادَةِ الْوَقْفِ. فَلَا بُدَّ لِلْوَقْفِ مِنْ سَبَبٍ يُفِيدُهُ. انْتَهَى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015