قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَحَكَى فِي التَّلْخِيصِ عَنْ أَبِي الْخَطَّابِ: لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْوَقْفِ مُطْلَقًا. وَهُوَ غَرِيبٌ، لَا يُعْرَفُ فِي كُتُبِهِ، انْتَهَى.
ذَكَرَهُ فِي التَّلْخِيصِ عَنْهُ فِي كِتَابِ الْبَيْعِ. وَحَكَاهُ عَنْهُ قَبْلُ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ تِلْمِيذُ أَبِي الْخَطَّابِ، وَهُوَ الْحَلْوَانِيُّ فِي كِتَابِهِ. قُلْت: وَظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ، فِي كِتَابِ الْبَيْعِ: عَدَمُ الْجَوَازِ. فَإِنَّهُ قَالَ: وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْوَقْفِ، إلَّا أَنَّ أَصْحَابَنَا قَالُوا: إذَا خَرِبَ، أَوْ كَانَ فَرَسًا فَعَطِبَ: جَازَ بَيْعُهُ وَصَرْفُ ثَمَنِهِ فِي مِثْلِهِ. انْتَهَى. وَكَلَامُهُ فِي الْهِدَايَةِ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ: صَرِيحٌ بِالصِّحَّةِ. وَاخْتَارَ أَيْضًا هَذِهِ الرِّوَايَةَ ابْنُ عَقِيلٍ وَصَنَّفَ فِيهَا جُزْءًا. حَكَاهُ عَنْهُ ابْنُ رَجَبٍ فِي طَبَقَاتِهِ وَاخْتَارَ أَيْضًا هَذِهِ الرِّوَايَةَ وَهِيَ عَدَمُ الْبَيْعِ الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ، وَأَبُو الْخَطَّابِ، وَابْنُ عَقِيلٍ.
تَنْبِيهٌ:
فَعَلَى الْمَذْهَبِ: الْمُرَادُ بِتَعَطُّلِ مَنَافِعِهِ: الْمَنَافِعُ الْمَقْصُودَةُ، بِخَرَابٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَلَوْ بِضِيقِ الْمَسْجِدِ عَنْ أَهْلِهِ. نَصَّ عَلَيْهِ. أَوْ بِخَرَابِ مَحَلَّتِهِ. نَقَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ. وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ: لَا يُبَاعُ إلَّا أَنْ لَا يُنْتَفَعَ مِنْهُ بِشَيْءٍ أَصْلًا، بِحَيْثُ لَا يَرُدُّ شَيْئًا. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْكَافِي: كُلُّ وَقْفٍ خَرِبَ وَلَمْ يَرُدَّ شَيْئًا بِيعَ. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي وَمَنْ تَابَعَهُ: لَا يُبَاعُ إلَّا أَنْ يَقِلَّ رِيعُهُ، فَلَا يُعَدُّ نَفْعًا. وَقِيلَ: أَوْ يَتَعَطَّلَ أَكْثَرُ نَفْعِهِ. نَقَلَهُ مُهَنَّا فِي فَرَسٍ كَبِرَ وَضَعُفَ، أَوْ ذَهَبَتْ عَيْنُهُ. فَقُلْت لَهُ: دَارٌ، أَوْ ضَيْعَةٌ ضَعُفَ أَهْلُهَا أَنْ يَقُومُوا عَلَيْهَا؟ قَالَ: لَا بَأْسَ بِبَيْعِهَا إذَا كَانَ أَنْفَعَ لِمَنْ يُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْهَا.