وَعَنْهُ: لَا يُبَاعُ الْمَسَاجِدُ. لَكِنْ تُنْقَلُ آلَتُهَا إلَى مَسْجِدٍ آخَرَ. وَيَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِ آلَتِهِ وَصَرْفُهَا فِي عِمَارَتِهِ) . اعْلَمْ أَنَّ الْوَقْفَ لَا يَخْلُو: إمَّا أَنْ تَتَعَطَّلَ مَنَافِعُهُ أَوْ لَا. فَإِنْ لَمْ تَتَعَطَّلْ مَنَافِعُهُ: لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ، وَلَا الْمُنَاقَلَةُ بِهِ مُطْلَقًا. نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ سَعِيدٍ. قَالَ: لَا يَسْتَبْدِلُ بِهِ وَلَا يَبِيعُهُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ بِحَالٍ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ. وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: لَا يُغَيَّرُ عَنْ حَالِهِ. وَلَا يُبَاعُ، إلَّا أَنْ لَا يُنْتَفَعَ مِنْهُ بِشَيْءٍ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَجَوَّزَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ذَلِكَ لِمَصْلَحَةٍ. وَقَالَ: هُوَ قِيَاسُ الْهَدْيِ. وَذَكَرَهُ وَجْهًا فِي الْمُنَاقَلَةِ. وَأَوْمَأَ إلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَنَقَلَ صَالِحٌ: يَجُوزُ نَقْلُ الْمَسْجِدِ لِمَصْلَحَةِ النَّاسِ. وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ. وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْفَائِقِ. وَحَكَمَ بِهِ نَائِبًا عَنْ الْقَاضِي جَمَالِ الدِّينِ الْمُسْلَاتِيِّ. فَعَارَضَهُ الْقَاضِي جَمَالُ الْمِرْدَاوِيُّ صَاحِبُ الِانْتِصَارِ وَقَالَ: حُكْمُهُ بَاطِلٌ عَلَى قَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ. وَصَنَّفَ فِي ذَلِكَ مُصَنَّفًا رَدَّ فِيهِ عَلَى الْحَاكِمِ. سَمَّاهُ " الْوَاضِحُ الْجَلِيُّ فِي نَقْضِ حُكْمِ ابْنِ قَاضِي الْجَبَلِ الْحَنْبَلِيِّ " وَوَافَقَهُ صَاحِبُ الْفُرُوعِ عَلَى ذَلِكَ. وَصَنَّفَ صَاحِبُ الْفَائِقِ مُصَنَّفًا فِي جَوَازِ الْمُنَاقَلَةِ لِلْمَصْلَحَةِ. سَمَّاهُ " الْمُنَاقَلَةُ بِالْأَوْقَافِ وَمَا فِي ذَلِكَ مِنْ النِّزَاعِ وَالْخِلَافِ " وَأَجَادَ فِيهِ. وَوَافَقَهُ عَلَى جَوَازِهَا الشَّيْخُ بُرْهَانُ الدِّينِ بْنُ الْقَيِّمِ، وَالشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ حَمْزَةُ بْنُ شَيْخِ السَّلَامِيَّةِ. وَصَنَّفَ فِيهِ مُصَنَّفًا سَمَّاهُ (رَفْعُ الْمُثَاقَلَةِ فِي مَنْعِ الْمُنَاقَلَةِ) . وَوَافَقَهُ أَيْضًا جَمَاعَةٌ فِي عَصْرِهِ. وَكُلُّهُمْ تَبَعٌ لِلشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي ذَلِكَ. وَأَطْلَقَ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةِ وَالْأَرْبَعِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ فِي جَوَازِ إبْدَالِ الْوَقْفِ مَعَ عِمَارَتِهِ: رِوَايَتَيْنِ.