الثَّالِثَةُ: حَيْثُ يُقَالُ بِانْتِزَاعِهِ مِنْ الْمُلْتَقِطِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْمَسَائِلِ فَإِنَّمَا ذَلِكَ عِنْدَ وُجُودِ الْأَوْلَى بِهِ. أَمَّا إذَا لَمْ يُوجَدْ فَإِقْرَارُهُ: بِيَدِهِ أَوْلَى كَيْفَ كَانَ. لِرُجْحَانِهِ بِالسَّبْقِ إلَيْهِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ الْتَقَطَهُ اثْنَانِ، قُدِّمَ الْمُوسِرُ مِنْهُمَا عَلَى الْمُعْسِرِ، وَالْمُقِيمُ عَلَى الْمُسَافِرِ) . لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ: أَنَّ الْبَلَدِيَّ وَضِدَّهُ، وَالْكَرِيمَ وَضِدَّهُ. وَظَاهِرَ الْعَدَالَةِ وَضِدَّهُ، فِي ذَلِكَ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ. وَهُوَ كَذَلِكَ. قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقَالَهُ الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ. وَقَالَ فِي التَّلْخِيصِ، وَالتَّرْغِيبِ: يُقَدَّمُ الْبَلَدِيُّ عَلَى ضِدِّهِ. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي وَمَنْ تَبِعَهُ: وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِمْ فِي تَقْدِيمِ الْمُوسِرِ: يَنْبَغِي أَنْ يُقَدَّمَ الْجَوَّادُ عَلَى الْبَخِيلِ. انْتَهَى. وَقِيلَ: يُقَدَّمُ ظَاهِرُ الْعَدَالَةِ عَلَى ضِدِّهِ. وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ. وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ الْحَارِثِيُّ.
فَائِدَةٌ: الشَّرِكَةُ فِي الِالْتِقَاطِ: أَنْ يَأْخُذَاهُ جَمِيعًا، وَلَا اعْتِبَارَ بِالْقِيَامِ الْمُجَرَّدِ عِنْدَهُ لِأَنَّ الِالْتِقَاطَ حَقِيقَةُ الْأَخْذِ. فَلَا يُوجَدُ بِدُونِهِ، إلَّا أَنْ يَأْخُذَهُ الْغَيْرُ بِأَمْرِهِ. فَالْمُلْتَقِطُ هُوَ الْآمِرُ. لِأَنَّ الْمُبَاشِرَ نَائِبٌ عَنْهُ. فَهُوَ كَاسْتِنَابَتِهِ فِي أَخْذِ الْمُبَاحِ.
تَنْبِيهٌ: دَخَلَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: لَوْ الْتَقَطَهُ مُسْلِمٌ وَكَافِرٌ. وَهُوَ كَذَلِكَ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقِيلَ: الْمُسْلِمُ أَوْلَى. اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالْحَارِثِيُّ، وَالنَّاظِمُ، وَغَيْرُهُمْ. وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ أَيْضًا. قَوْلُهُ (فَإِنْ تَشَاحَّا: أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا) . هَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ. مِنْهُمْ صَاحِبُ