الِاقْتِرَاضِ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، وَامْتِنَاعِ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِنْفَاقُ إنْ أَنْفَقَ الْمُلْتَقِطُ رَجَعَ عَلَى اللَّقِيطِ، فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَالْأُخْرَى: لَا يَرْجِعُ مَا لَمْ يَكُنْ الْحَاكِمُ أَذِنَ لَهُ فِي الْإِنْفَاقِ. زَادَ فِي التَّلْخِيصِ. وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَرْجِعُ. انْتَهَى. قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَالْوُجُوبُ مَجَّانًا وَاسْتِحْقَاقُ الْعِوَضِ لَا يَجْتَمِعَانِ. وَإِنَّمَا ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مَا إذَا كَانَ لِلَّقِيطِ مَالٌ تَعَذَّرَ إنْفَاقُهُ لِمَانِعٍ، أَوْ يُنْتَظَرُ حُصُولُهُ مِنْ وَقْفٍ، أَوْ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ (وَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ) بِلَا نِزَاعٍ (إلَّا أَنْ يُوجَدَ فِي بَلَدِ الْكُفَّارِ، وَلَا مُسْلِمَ فِيهِ. فَيَكُونُ كَافِرًا) . وَهَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: فَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ: الْحُكْمُ بِكُفْرِهِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ، وَالْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ. قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ: وَقَالَ الْقَاضِي: يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ أَيْضًا. لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ مُؤْمِنٌ يَكْتُمُ إيمَانَهُ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَحَكَى صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَجْهًا بِأَنَّهُ مُسْلِمٌ. اعْتِبَارًا بِفَقْدِ أَبَوَيْهِ.
فَائِدَةٌ: لَوْ كَانَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ بَلَدٌ كُلُّ أَهْلِهَا أَهْلُ ذِمَّةٍ، وَوُجِدَ فِيهَا لَقِيطٌ: حُكِمَ بِكُفْرِهِ. وَإِنْ كَانَ فِيهَا مُسْلِمٌ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ. قَوْلًا وَاحِدًا فِيهِمَا، عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقِيلَ: يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ إذَا كَانَ كُلُّ أَهْلِهَا أَهْلَ ذِمَّةٍ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ. قَوْلُهُ (فَإِنْ كَانَ فِيهِ مُسْلِمٌ: فَعَلَى وَجْهَيْنِ) .