قُلْت: وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ مَنْ أَطْلَقَ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ. وَأَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ لِلْعَهْدِ. لِأَنَّ الْأَحْكَامَ جَارِيَةٌ عَلَيْهِمْ. لَكِنْ يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ: كَوْنُ الْمَسْأَلَةِ ذَاتُ خِلَافٍ. فَيَكُونُ الظَّاهِرُ مُوَافِقًا لِأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ. وَيَرِدُ كَوْنُ الْمُصَنِّفِ لَمْ يَحْكِ فِي كُتُبِهِ خِلَافًا. قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَالْكَافِرُ عَلَى إطْلَاقِهِ صَحِيحٌ فِي أَرَاضِيِ الْكُفَّارِ. لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ. وَهُوَ الصَّوَابُ.
الثَّالِثَةُ: إنْ كَانَ الْإِحْيَاءُ بِإِذْنِ الْإِمَامِ: فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يَمْلِكُهُ بِذَلِكَ. وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِهِ: مَلَكَهُ أَيْضًا. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا. فَلَا يُشْتَرَطُ إذْنُهُ فِي ذَلِكَ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَجَزَمَ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ: لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِإِذْنِهِ. وَهُوَ وَجْهٌ فِي الْمُبْهِجِ، وَرِوَايَةٌ فِي الْإِقْنَاعِ، وَالْوَاضِحِ.
الرَّابِعَةُ: مَا أَحْيَاهُ الْمُسْلِمُ مِنْ أَرْضِ الْكُفَّارِ الَّتِي صُولِحُوا عَلَيْهَا عَلَى أَنَّهَا لَهُمْ فَهَذِهِ لَا تُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ كَمَا قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَفِيهِ احْتِمَالٌ: أَنَّهَا تُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ كَغَيْرِهَا.
الْخَامِسَةُ: مَا قَرُبَ مِنْ الْعَامِرِ، وَتَعَلَّقَ بِمَصَالِحِهِ كَطُرُقِهِ وَفِنَائِهِ، وَمَسِيلِ مَائِهِ، وَمَطْرَحِ قُمَامَتِهِ، وَمُلْقَى تُرَابِهِ وَآلَاتِهِ، وَمَرْعَاهُ، وَمُحْتَطِبِهِ، وَحَرِيمِهِ وَالْبِئْرِ وَالنَّهْرِ، وَمُرْتَكَضِ الْخَيْلِ، وَمَدْفِنِ الْأَمْوَاتِ، وَمُنَاخِ الْإِبِلِ وَنَحْوِهَا. فَهَذَا لَا يُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَنَصَّ عَلَيْهِ مِنْ رِوَايَةِ غَيْرِ وَاحِدٍ وَلَا يَقْطَعُهُ الْإِمَامُ. لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِهِ. وَقِيلَ: لِمِلْكِهِ لَهُ.