فَجَوَابُ أَبِي الْخَطَّابِ، وَابْنِ عَقِيلٍ، وَابْنِ الزَّاغُونِيِّ: وُجُوبُ الضَّمَانِ، وَلَا إثْمَ. وَفِيهِ بَحْثٌ.
وَإِذَا قِيلَ: إنَّهُ إكْرَاهٌ. فَنَادَى السُّلْطَانُ: مَنْ لَمْ يَحْمِلْ وَدِيعَةَ فُلَانٍ عُمِلَ بِهِ كَذَا وَكَذَا. فَحَمَلَهَا مِنْ غَيْرِ مُطَالَبَةٍ: أَثِمَ وَضَمِنَ. وَبِهِ أَجَابَ أَبُو الْخَطَّابِ، وَابْنُ عَقِيلٍ فِي فَتَاوِيهِمَا. وَإِنْ آلَ الْأَمْرُ إلَى الْيَمِينِ وَلَا بُدَّ: حَلَفَ مُتَأَوِّلًا. وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ: لَهُ جَحْدُهَا. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: إنْ لَمْ يَحْلِفْ حَتَّى أُخِذَتْ مِنْهُ: وَجَبَ الضَّمَانُ، لِلتَّفْرِيطِ. وَإِنْ. حَلَفَ وَلَمْ يَتَأَوَّلْ أَثِمَ. وَفِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ رِوَايَتَانِ. حَكَاهُمَا أَبُو الْخَطَّابِ فِي الْفَتَاوَى. قُلْت: وَالصَّوَابُ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ مَعَ إمْكَانِ التَّأْوِيلِ وَقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ، وَعِلْمِهِ بِذَلِكَ وَلَمْ يَفْعَلْهُ. ثُمَّ وَجَدْت فِي الْفُرُوعِ فِي بَابِ جَامِعِ الْأَيْمَانِ، قَالَ: وَيُكَفِّرُ عَلَى الْأَصَحِّ إنْ أُكْرِهَ عَلَى الْيَمِينِ بِالطَّلَاقِ. فَأَجَابَ أَبُو الْخَطَّابِ: بِأَنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ كَمَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى إيقَاعِ الطَّلَاقِ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَفِيهِ بَحْثٌ. وَحَاصِلُهُ: إنْ كَانَ الضَّرَرُ الْحَاصِلُ بِالتَّغْرِيمِ كَثِيرًا يُوَازِي الضَّرَرَ فِي صُوَرِ الْإِكْرَاهِ: فَهُوَ إكْرَاهٌ لَا يَقَعُ، وَإِلَّا وَقَعَ الْمَذْهَبُ. انْتَهَى. وَعِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ: لَا يَسْقُطُ لِخَوْفِهِ مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ. بَلْ يَضْمَنُ بِدَفْعِهَا افْتِدَاءً عَنْ يَمِينِهِ. وَفِي فَتَاوَى ابْنِ الزَّاغُونِيِّ: إنْ أَبَى الْيَمِينَ بِالطَّلَاقِ، أَوْ غَيْرِهِ. فَصَارَ ذَرِيعَةً إلَى أَخْذِهَا. وَكَإِقْرَارِهِ طَائِعًا. وَهُوَ تَفْرِيطٌ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ. نَقَلَهُ فِي الْفُرُوعِ فِي بَابِ جَامِعِ الْأَيْمَانِ.