وَمَفْهُومُ كَلَامِهِ أَيْضًا: ثُبُوتُهَا لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْكَافِرِ. وَهُوَ مِنْ بَابِ أَوْلَى.
فَائِدَةٌ: لَوْ تَبَايَعَ كَافِرَانِ بِخَمْرٍ، وَأَخَذَ الشَّفِيعُ بِذَلِكَ: لَمْ يَنْقُضْ مَا فَعَلُوهُ. وَإِنْ جَرَى التَّقَابُضُ بَيْنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ دُونَ الشَّفِيعِ، وَتَرَافَعُوا إلَيْنَا: فَلَا شُفْعَةَ لَهُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ كَمَا لَوْ تَبَايَعَا بِخِنْزِيرٍ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: إنْ تَبَايَعُوا بِخَمْرٍ وَقُلْنَا هِيَ مَالٌ لَهُمْ حَكَمْنَا لَهُمْ بِالشُّفْعَةِ. وَتَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَى بَعْضِ ذَلِكَ قَبْلَ قَوْلِهِ " وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الثَّمَنِ ".
قَوْلُهُ (وَهَلْ تَجِبُ الشُّفْعَةُ لِلْمُضَارِبِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ، أَوْ لِرَبِّ الْمَالِ عَلَى الْمُضَارِبِ فِيمَا يَشْتَرِيهِ لِلْمُضَارَبَةِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) . ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هُنَا مَسْأَلَتَيْنِ.
إحْدَاهُمَا: هَلْ تَجِبُ الشُّفْعَةُ لِلْمُضَارِبِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ، أَمْ لَا؟ مِثَالُ ذَلِكَ: أَنْ يَكُونَ لِلْمُضَارِبِ شِقْصٌ فِيمَا تَجِبُ فِيهِ الشُّفْعَةُ، ثُمَّ يَشْتَرِي مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ شِقْصًا مِنْ شَرِكَةِ الْمُضَارِبِ. فَهَلْ تَجِبُ لِلْمُضَارِبِ شُفْعَةٌ فِيمَا اشْتَرَاهُ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ؟ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِيهِ وَجْهَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا تَخْرِيجًا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالتَّلْخِيصِ. وَاعْلَمْ أَنَّ فِي مَحَلِّ الْخِلَافِ طَرِيقَتَيْنِ لِلْأَصْحَابِ.
إحْدَاهُمَا: أَنَّهُمَا جَارِيَانِ، سَوَاءٌ ظَهَرَ رِبْحٌ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ قُلْنَا يَمْلِكُ الْمُضَارِبُ حِصَّتَهُ بِالظُّهُورِ أَمْ لَا. وَهِيَ طَرِيقَةُ أَبِي الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ، وَصَاحِبِ الْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْمُصَنِّفِ هُنَا وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهَا الْحَارِثِيُّ
أَحَدُهُمَا: لَا تَجِبُ الشُّفْعَةُ لَهُ. وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. صَحَّحَهُ فِي الْخُلَاصَةِ، وَالتَّصْحِيحِ وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي رُءُوسِ الْمَسَائِلِ، وَأَبُو الْمَعَالِي فِي النِّهَايَةِ.