الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، وَابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ، وَالْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّارِحُ، وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْوَجِيزِ، وَالزَّرْكَشِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهَذَا يَقْتَضِي تَلَقِّيَ الْمِلْكِ عَنْهُ. وَهُوَ مُشْكِلٌ. وَكَذَلِكَ أَخْذُ الْبَائِعِ لِلثَّمَنِ مُشْكِلٌ. لِاعْتِرَافِهِ بِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِهِ عَلَيْهِ. ثُمَّ قَالَ الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ، وَالْمُصَنِّفُ، وَجَمَاعَةٌ: لَيْسَ لِلشَّفِيعِ وَلَا لِلْبَائِعِ مُحَاكَمَةُ الْمُشْتَرِي، لِيَثْبُتَ الْبَيْعُ فِي حَقِّهِ وَتَجِبُ الْعُهْدَةُ عَلَيْهِ. لِأَنَّ مَقْصُودَ الْبَائِعِ: الثَّمَنُ، وَقَدْ حَصَلَ مِنْ الشَّفِيعِ. وَمَقْصُودُ الشَّفِيعِ: أَخْذُ الشِّقْصِ وَضَمَانُ الْعُهْدَةِ. وَقَدْ حَصَلَا مِنْ الْبَائِعِ. فَلَا فَائِدَةَ فِي الْمُحَاكَمَةِ. انْتَهَى. وَقَدْ حَكَى فِي التَّلْخِيصِ وَجْهًا بِأَنْ يَدْفَعَ إلَى نَائِبٍ يُنَصِّبُهُ الْحَاكِمُ عَنْ الْمُشْتَرِي قَالَ: وَهُوَ مُشْكِلٌ. لِأَنَّ إقَامَةَ نَائِبٍ عَنْ مُنْكِرٍ: بَعِيدٌ. وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ مُقِرًّا بِقَبْضِ الثَّمَنِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَبَقِيَ الثَّمَنُ عَلَى الشَّفِيعِ. لَا يَدَّعِيهِ أَحَدٌ: فَفِيهِ ثَلَاثُهُ أَوْجُهٍ.
أَحَدُهَا: يُقَالُ لِلْمُشْتَرِي: إمَّا أَنْ تَقْبِضَهُ، وَإِمَّا أَنْ تُبَرِّئَ مِنْهُ قِيَاسًا عَلَى نُجُومِ الْكِتَابَةِ إذَا قَالَ السَّيِّدُ: هِيَ غَصْبٌ. اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ. وَجَزَمَ بِهِ فِي النَّظْمِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَبْقَى فِي ذِمَّةِ الشَّفِيعِ. قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ
وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: يَأْخُذُهُ الْحَاكِمُ عَنْهُ. وَهِيَ كَالْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا حُكْمًا وَخِلَافًا. وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَغَيْرُهُمَا: وَفِي جَمِيعِ ذَلِكَ، مَتَى ادَّعَاهُ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي دَفَعَ إلَيْهِ. لِأَنَّهُ لِأَحَدِهِمَا. قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ وَبَحْثٌ. وَإِنْ ادَّعَيَاهُ جَمِيعًا، وَأَقَرَّ الْمُشْتَرِي بِالْبَيْعِ، وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ الْقَبْضَ: فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي.