وَيَأْتِي نَظِيرُهَا فِي آخِرِ بَابِ الدِّيَاتِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ اصْطَدَمَتْ سَفِينَتَانِ، فَغَرِقَتَا: ضَمِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَفِينَةَ الْآخَرِ وَمَا فِيهَا) . هَكَذَا أَطْلَقَ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ: مَحَلُّهُ إذَا فَرَّطَ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: إنْ فَرَّطَ ضَمِنَ كُلُّ وَاحِدٍ سَفِينَةَ الْآخَرِ وَمَا فِيهَا. وَإِنْ لَمْ يُفَرِّطْ فَلَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا. حَكَاهُ الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابَيْهِ، وَمَنْ عَدَاهُ مِنْ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى نَحْوِهِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ. مَعَ أَنَّ إطْلَاقَ الْمَتْنِ لَا يَقْتَضِيهِ. غَيْرَ أَنَّ الْإِطْلَاقَ مُقَيَّدٌ بِحَالَةِ التَّفْرِيطِ الَّتِي قَدَّمْنَاهَا. عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْأَصْحَابُ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ عَلِمْته بَيْنَهُمْ. انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَإِنْ اصْطَدَمَتْ سَفِينَتَانِ فَغَرِقَتَا: ضَمِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُتْلَفَ الْآخَرِ وَفِي الْمُغْنِي: إنْ فَرَّطَا. وَقَالَهُ فِي الْمُنْتَخَبِ، وَأَنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِ. انْتَهَى. وَجَزَمَ بِمَا قَالَهُ الْحَارِثِيُّ فِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا.
تَنْبِيهٌ: حَيْثُ قُلْنَا بِالضَّمَانِ، فَيَضْمَنُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَفِينَةَ الْآخَرِ وَمَا فِيهَا. كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقَالَ الْحَارِثِيُّ، قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ الضَّمَانِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي السَّبَبِ. فَإِنَّهُ حَصَلَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ بِفِعْلِهِ وَفِعْلِ صَاحِبِهِ. فَكَانَ مُهْدَرًا فِي حَقِّ نَفْسِهِ، مَضْمُونًا فِي حَقِّ الْآخَرِ. كَمَا فِي التَّلَفِ مِنْ جِرَاحَةِ نَفْسِهِ وَجِرَاحَةِ غَيْرِهِ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهَذَا لَهُ قُوَّةٌ.