قَالَ: وَأَحْسَنُ مِنْهُ: التَّأَنُّسُ بِمَا رُوِيَ أَنَّ ابْنَ مَنْصُورٍ بَلَغَهُ أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رَجَعَ عَنْ بَعْضِ الْمَسَائِلِ الَّتِي عَلَّقَهَا. فَجَمَعَهَا فِي جِرَابٍ وَحَمَلَهَا عَلَى ظَهْرِهِ. وَخَرَجَ إلَى بَغْدَادَ، وَعَرَضَ خُطُوطَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ. فَأَقَرَّ لَهُ بِهَا ثَانِيًا. فَالظَّاهِرُ: أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بَعْدَ مَوْتِ ابْنِ الْحَكَمِ، وَقَبْلَ وَفَاةِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بِيَسِيرٍ، وَابْنُ مَنْصُورٍ مِمَّنْ رَوَى الضَّمَانَ. فَيَكُونُ مُتَأَخِّرًا عَنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْحَكَمِ انْتَهَى. وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ ذَلِكَ فِي الْبَابِ عِنْدَ قَوْلِهِ " وَإِنْ غَصَبَ ثَوْبًا فَقَصَّرَهُ، أَوْ غَزْلًا فَنَسَجَهُ ". قَالَ فِي الْفُرُوعِ هُنَا: وَنَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ: لَا أُجْرَةَ مُطْلَقًا، يَعْنِي سَوَاءٌ انْتَفَعَ. بِهِ أَوْ لَا. وَظَاهِرُ الْمُبْهِجِ: التَّفْرِقَةُ. يَعْنِي إنْ انْتَفَعَ بِهِ فَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ، وَإِلَّا فَلَا. وَاخْتَارَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ. وَجَعَلَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ظَاهِرَ مَا نُقِلَ عَنْهُ. وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: إنْ زَرَعَ بِلَا إذْنِهِ، فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْأَرْضِ بِقَدْرِ مَا اسْتَعْمَلَهَا إلَى رَدِّهِ أَوْ إتْلَافِهِ أَوْ رَدِّ قِيمَتِهِ. فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا: لَوْ كَانَ الْعَبْدُ ذَا صَنَائِعَ: لَزِمَهُ أُجْرَةُ أَعْلَاهَا فَقَطْ.
الثَّانِيَةُ: مَنَافِعُ الْمَقْبُوضِ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ كَمَنَافِعِ الْمَغْصُوبِ. تُضْمَنُ بِالْفَوَاتِ وَالتَّفْوِيتِ.
تَنْبِيهٌ: قَالَ الْحَارِثِيُّ " أَبُو بَكْرٍ " الْمُبْهَمُ فِي الْكِتَابِ. هُوَ الْخَلَّالُ. وَإِطْلَاقُ " أَبِي بَكْرٍ " فِي عُرْفِ الْأَصْحَابِ إنَّمَا هُوَ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ، لَا الْخَلَّالُ، وَإِنْ كَانَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ كَلَامِ أَبِي بَكْرٍ عَبْدِ الْعَزِيزِ. كَمَا قَالَ. فَإِنَّهُ أَدْخَلَ فِي جَامِعِ الْخَلَّالِ شَيْئًا مِنْ كَلَامِهِ. فَرُبَّمَا اشْتَبَهَ بِكَلَامِ الْخَلَّالِ. إلَّا أَنَّ الْقَاضِيَ، وَابْنَ عَقِيلٍ، وَغَيْرَهُمَا مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ: إنَّمَا حَكَوْهُ عَنْ الْخَلَّالِ. انْتَهَى.