قَوْلُهُ (وَإِنْ لَمْ يَقُلْ) يَعْنِي وَإِنْ لَمْ يَقُلْ: هُوَ طَعَامِي، بَلْ قَالَ لَهُ: كُلْ (فَفِي أَيِّهِمَا يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ الضَّمَانُ؟ وَجْهَانِ) . أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ يَحْكُونَ الْخِلَافَ وَجْهَيْنِ. وَحَكَاهُمَا فِي الْمُغْنِي رِوَايَتَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الشَّرْحِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفَائِقِ، وَالْحَارِثِيِّ.

أَحَدُهُمَا: يَسْتَقِرُّ الضَّمَانُ عَلَى الْغَاصِبِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. صَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ، وَالتَّصْحِيحِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ، وَالْفُرُوعِ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَسْتَقِرُّ عَلَى الْآكِلِ. وَقَالَ الْقَاضِي، وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالسَّامِرِيُّ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمُذْهَبِ: إنْ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ اسْتَقَرَّ الضَّمَانُ عَلَيْهِ وَجْهًا وَاحِدًا. وَإِنْ ضَمَّنَ الْآكِلَ فَفِي رُجُوعِهِ عَلَى الْغَاصِبِ وَجْهَانِ، مَبْنِيَّانِ عَلَى رِوَايَتَيْ الْمَغْصُوبِ. لَكِنَّ الْقَاضِيَ قَالَ: ذَلِكَ فِيمَا إذَا قَالَ: هُوَ طَعَامِي فَكُلْهُ. وَغَيْرُهُ ذَكَرَهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ. قَوْلُهُ (وَإِنْ أَطْعَمَهُ لِمَالِكِهِ، وَلَمْ يَعْلَمْ: لَمْ يَبْرَأْ. نَصَّ عَلَيْهِ فِي رَجُلٍ لَهُ عِنْدَ رَجُلٍ تَبِعَةٌ، فَأَوْصَلَهَا إلَيْهِ عَلَى أَنَّهَا صِلَةٌ أَوْ هَدِيَّةٌ، وَلَمْ يَعْلَمْ كَيْفَ هَذَا) قَالَ الْمُصَنِّفُ (يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ) . اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا أَطْعَمَهُ لِمَالِكِهِ فَأَكَلَهُ. عَالِمًا أَنَّهُ طَعَامُهُ: بَرِئَ غَاصِبُهُ. وَكَذَا لَوْ أَكَلَهُ بِلَا إذْنِهِ. فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ، وَقَالَ لَهُ الْغَاصِبُ: كُلْهُ، فَإِنَّهُ طَعَامِي: لَمْ يَبْرَأْ الْغَاصِبُ أَيْضًا. وَإِنْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ، بَلْ قَدَّمَهُ إلَيْهِ، وَقَالَ: كُلْهُ. فَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا: أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ. وَهُوَ ظَاهِرُ النَّصِّ الْمَذْكُورِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015