قَالَ ابْنُ رَجَبٍ: وَيَتَخَرَّجُ وَجْهٌ آخَرُ بِالْقَرَارِ عَلَيْهَا مِمَّا أَتْلَفَهُ كَالْمُودِعِ إذَا تَلِفَتْ تَحْتَ يَدِهِ وَأَوْلَى. لِمُبَاشَرَتِهَا لِلْإِتْلَافِ. قَالَ: وَيَتَخَرَّجُ وَجْهٌ آخَرُ: لَا ضَمَانَ عَلَيْهَا بِحَالٍ مِنْ نَصِّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِيمَنْ حَفَرَ لِرَجُلٍ بِئْرًا فِي غَيْرِ مِلْكِهِ، فَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ. فَقَالَ الْحَافِرُ: ظَنَنْت أَنَّهَا فِي مِلْكِهِ. فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَبِذَلِكَ جَزَمَ الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ فِي كِتَابِ الْجِنَايَاتِ. وَأَمَّا إذَا أَتْلَفَتْهُ عَلَى وَجْهٍ مُحَرَّمٍ شَرْعًا، عَالِمَةً بِتَحْرِيمِهِ، كَالْقَاتِلَةِ لِلْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ وَالْمُحْرِقَةِ لِلْمَالِ بِإِذْنِ الْغَاصِبِ فِيهِمَا. فَفِي التَّلْخِيصِ: يَسْتَقِرُّ عَلَيْهَا الضَّمَانُ. لِأَنَّهَا عَالِمَةٌ بِالتَّحْرِيمِ. فَهِيَ كَالْعَالِمَةِ بِأَنَّهُ مَالُ الْغَيْرِ. وَرَجَّحَ الْحَارِثِيُّ دُخُولَهَا فِي قِسْمِ الْمَغْرُورِ. انْتَهَى كَلَامُ ابْنِ رَجَبٍ فِي الْقَوَاعِدِ مُلَخَّصًا. وَلَقَدْ أَجَادَ. فَرَحِمَهُ اللَّهُ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ اشْتَرَى أَرْضًا فَغَرَسَهَا، أَوْ بَنَى فِيهَا. فَخَرَجَتْ مُسْتَحَقَّةً فَقَلَعَ غَرْسَهُ وَبِنَاءَهُ: رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِمَا غَرِمَهُ) . ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي الْقِسْمَةِ. وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ الْقَلْعِ. وَأَفَادَنَا كَلَامُ الْمُصَنِّفِ: أَنَّ لِلْمَالِكِ قَلْعَ الْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ. هَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا. أَعْنِي مِنْ غَيْرِ ضَمَانِ النَّقْصِ، وَلَا الْأَخْذِ بِالْقِيمَةِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَالْوَجِيزِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ. وَقَالَ: هُوَ الْأَصَحُّ. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَالْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ. وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ الْمُتَأَخِّرُونَ. وَعَنْهُ: لِرَبِّ الْأَرْضِ قَلْعُهُ إنْ ضَمِنَ نَقْصَهُ. ثُمَّ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ. قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَغَيْرِهِ. وَقَالَ الْحَارِثِيُّ: وَعَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا يَقَعُ. بَلْ يَأْخُذُهُ بِقِيمَتِهِ. وَذَكَرَ النَّصَّ مِنْ رِوَايَةِ حَرْبٍ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015