هَذِهِ الرِّوَايَةُ عَائِدَةٌ إلَى قَوْلِهِ " فَإِنْ لَمْ يَعْلَمَا بِالْغَصْبِ فَضَمِنَهُمَا: رَجَعَا عَلَى الْغَاصِبِ " لَكِنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ: رَجَعَ عَنْهَا الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَاعْلَمْ أَنَّ الرِّوَايَةَ بِعَدَمِ الرُّجُوعِ: رَجَعَ عَنْهَا الْإِمَامُ أَحْمَدُ. قَالَ الْقَاضِي فِي كِتَابِ الرِّوَايَتَيْنِ: رَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ. بِحَدِيثِ عَلِيٍّ. وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا يَكُونُ عَدَمُ الرُّجُوعِ مَذْهَبًا لَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ أَصْلًا وَفَرْعًا. انْتَهَى كَلَامُ الْحَارِثِيِّ. قُلْت: إذَا رَجَعَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ قَوْلٍ. فَهَلْ يُتْرَكُ، وَلَا يُذْكَرُ، لِرُجُوعِهِ عَنْهُ؟ أَوْ يُذْكَرُ وَيُثْبَتُ فِي التَّصَانِيفِ؟ تَقَدَّمَ حُكْمُ ذَلِكَ فِي الْخُطْبَةِ، وَبَابِ التَّيَمُّمِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَالِكَ إذَا رَجَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَأَرَادَ الْمُشْتَرِي الرُّجُوعَ عَلَى الْغَاصِبِ: فَلَا يَخْلُو مِنْ أَقْسَامٍ.
أَحَدُهُمَا: مَا لَا يَرْجِعُ بِهِ. وَهُوَ قِيمَتُهَا إذَا تَلِفَتْ كُلُّهَا، أَوْ جُزْؤُهَا فِي يَدِهِ. عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْخِلَافِ.
وَالثَّانِي: فِيهِ خِلَافٌ. وَالتَّرْجِيحُ مُخْتَلِفٌ، وَهُوَ: أَرْشُ الْبَكَارَةِ، وَالْمَهْرُ، وَأُجْرَةُ نَفْعِهَا. فَأَمَّا أَرْشُ الْبَكَارَةِ: فَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا: أَنَّهُ يَرْجِعُ بِهِ. قَالَ فِي الْفَائِقِ: اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: هَذَا الْمَذْهَبُ. انْتَهَى. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: الرُّجُوعُ اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ، وَالْقَاضِي، وَعَامَّةِ أَصْحَابِهِ. وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِهِ. جَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْمُنَوِّرِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالْكَافِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ. وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ، وَأَبُو بَكْرٍ. قَالَهُ فِي الْفَائِقِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْفَائِقِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ.