وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ، أَوْ الْفُنُونِ: لَا يَتَصَرَّفُ مَالِكُ الْعَقَارِ فِي الْمَنَافِعِ بِإِجَارَةٍ وَلَا إعَارَةٍ، إلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ وَاسْتِيفَاءِ الْمَنَافِعِ الْمُسْتَحَقَّةِ عَلَيْهِ بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ. لِأَنَّهُ مَا لَمْ تَنْقَضِ الْمُدَّةُ لَهُ حَقُّ الِاسْتِيفَاءِ. فَلَا تَصِحُّ تَصَرُّفَاتُ الْمَالِكِ فِي مَحْبُوسٍ بِحَقٍّ. لِأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ التَّسْلِيمُ الْمُسْتَحَقُّ بِالْعَقْدِ. انْتَهَى. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَمُرَادُ الْأَصْحَابِ مُتَّفَقٌ. وَهُوَ أَنَّهُ يَجُوزُ إجَارَةُ الْمُؤَجَّرِ، وَيُعْتَبَرُ التَّسْلِيمُ وَقْتَ وُجُوبِهِ. انْتَهَى

الثَّالِثُ: ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَقِيلٍ السَّابِقِ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إجَارَةُ الْعَيْنِ إذَا كَانَتْ مَشْغُولَةً. وَقَدْ قَالَ فِي الْفَائِقِ: ظَاهِرُ كَلَامِ أَصْحَابِنَا: عَدَمُ صِحَّةِ إجَارَةِ الْمَشْغُولِ بِمِلْكِ غَيْرِ الْمُسْتَأْجِرِ. وَقَالَ شَيْخُنَا: يَجُوزُ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ انْتَهَى. وَقَدْ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِيمَنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا مِنْ جُنْدِيٍّ وَغَرَسَهَا قَصَبًا. ثُمَّ انْتَقَلَ الْإِقْطَاعُ عَنْ الْجُنْدِيِّ: إنَّ الْجُنْدِيَّ الثَّانِيَ لَا يَلْزَمُهُ حُكْمُ الْإِجَارَةِ الْأُولَى، وَأَنَّهُ إنْ شَاءَ أَنْ يُؤَجِّرَهَا لِمَنْ لَهُ فِيهَا الْقَصَبُ أَوْ لِغَيْرِهِ. انْتَهَى. قُلْت: قَالَ شَيْخُنَا الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ الْبَعْلِيُّ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ صِحَّةُ إجَارَةِ الْمَشْغُولِ بِمِلْكٍ لِغَيْرِ الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ إطْلَاقِهِمْ جَوَازَ الْإِجَارَةِ الْمُضَافَةِ. فَإِنَّ عُمُومَ كَلَامِهِمْ يَشْمَلُ الْمَشْغُولَةَ وَقْتَ الْفَرَاغِ بِغِرَاسٍ أَوْ بِنَاءٍ أَوْ غَيْرِهِمَا. انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: لَا يَجُوزُ لِلْمُؤَجِّرِ إجَارَةُ الْعَيْنِ الْمَشْغُولَةِ بِغِرَاسِ الْغَيْرِ أَوْ بِنَائِهِ إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ مُدَّةِ صَاحِبِ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ. وَقَالَ أَيْضًا: لَا يَجُوزُ إجَارَةٌ لِمَنْ يَقُومُ مَقَامَ الْمُؤَجِّرِ كَمَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ النَّاسِ. قَالَ: وَأَفْتَى جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ فِي هَذَا الزَّمَانِ أَنَّ هَذَا لَا يَصِحُّ. وَهُوَ وَاضِحٌ وَلَمْ أَجِدْ فِي كَلَامِهِمْ مَا يُخَالِفُ هَذَا. قَالَ: وَمِنْ الْعَجَبِ قَوْلُ بَعْضِهِمْ " فِي هَذَا الزَّمَانِ " الَّذِي يَخْطِرُ بِبَالِهِ مِنْ كَلَامِ أَصْحَابِنَا: أَنَّ هَذِهِ الْإِجَارَةَ تَصِحُّ كَذَا قَالَ. انْتَهَى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015