مُدَّةً يَعِيشُ فِيهَا غَالِبًا. فَأَمَّا إنْ أَجَّرَهُ مُدَّةً لَا يَعِيشُ فِيهَا غَالِبًا: فَإِنَّهَا تَنْفَسِخُ قَوْلًا وَاحِدًا، وَمَا هُوَ بِبَعِيدٍ. فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، مِنْ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ: يَسْتَحِقُّ الْبَطْنُ الثَّانِي حِصَّتَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ مِنْ تَرِكَةِ الْمُؤَجِّرِ إنْ كَانَ قَبَضَهَا، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ قَبْضُهَا فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ. وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي: يَرْجِعُ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى وَرَثَةِ الْمُؤَجِّرِ الْقَابِضِ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إنْ كَانَ قَبَضَهَا الْمُؤَجِّرُ رَجَعَ بِذَلِكَ فِي تَرِكَتِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَرِكَةٌ فَأَفْتَى بَعْضُ أَصْحَابِنَا بِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ هُوَ النَّاظِرَ فَمَاتَ فَلِلْبَطْنِ الثَّانِي فَسْخُ الْإِجَارَةِ، وَالرُّجُوعُ بِالْأُجْرَةِ عَلَى مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ. انْتَهَى. وَقَالَ أَيْضًا: وَاَلَّذِي يُتَوَجَّهُ أَوَّلًا: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ سَلَفُ الْأُجْرَةِ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ. لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْمَنْفَعَةَ الْمُسْتَقْبَلَةَ وَلَا الْأُجْرَةَ عَلَيْهَا. فَالتَّسْلِيفُ لَهُمْ قَبْضُ مَا لَا يَسْتَحِقُّونَهُ، بِخِلَافِ الْمَالِكِ. وَعَلَى هَذَا: فَلِلْبَطْنِ الثَّانِي أَنْ يُطَالِبُوا بِالْأُجْرَةِ الْمُسْتَأْجِرَ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ التَّسْلِيفُ، وَلَهُمْ أَنْ يُطَالِبُوا النَّاظِرَ. انْتَهَى.
فَائِدَةٌ: قَالَ ابْنُ رَجَبٍ بَعْدَ ذِكْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: وَهَكَذَا حُكْمُ الْمُقْطِعِ إذَا أَجَّرَ إقْطَاعَهُ ثُمَّ انْتَقَلَتْ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ بِإِقْطَاعٍ آخَرَ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ أَجَّرَ الْوَلِيُّ الْيَتِيمَ، أَوْ أَجَّرَ مَالَهُ، أَوْ السَّيِّدُ الْعَبْدَ. ثُمَّ بَلَغَ الصَّبِيُّ وَعَتَقَ الْعَبْدُ: لَمْ تَنْفَسِخْ الْإِجَارَةُ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. مِنْهُمْ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَغَيْرِهِمْ. ذَكَرُوهُ فِي بَابِ الْحَجْرِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَنْفَسِخَ. وَهُوَ وَجْهٌ فِي الصَّبِيِّ، وَتَخْرِيجٌ فِي الْعَبْدِ مِنْ الصَّبِيِّ. قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالثَّلَاثِينَ: وَعِنْدَ الشَّيْخِ تَنْفَسِخُ، إلَّا أَنْ يَسْتَثْنِيَهَا فِي الْعِتْقِ. فَإِنَّ لَهُ اسْتِثْنَاءَ مَنَافِعِهِ بِالشُّرُوطِ. وَالِاسْتِثْنَاءُ الْحُكْمِيُّ أَقْوَى، بِخِلَافِ الصَّبِيِّ إذَا بَلَغَ وَرَشَدَ. فَإِنَّ الْوَلِيَّ تَنْقَطِعُ وِلَايَتُهُ عَنْهُ بِالْكُلِّيَّةِ.