الثَّالِثَةُ: قَوْلُهُ (وَإِمَّا بِالْوَصْفِ، كَحَمْلِ زُبْرَةِ حَدِيدٍ وَزْنُهَا كَذَا إلَى مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ) . وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ. لَكِنْ لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِحَمْلِ كِتَابٍ فَحَمَلَهُ، فَوَجَدَ الْمَحْمُولَ إلَيْهِ غَائِبًا فَلَهُ الْأُجْرَةُ لِذَهَابِهِ وَرَدِّهِ أَيْضًا. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفَائِقِ، وَغَيْرِهِمْ. وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ، وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ التَّرْغِيبِ إنْ وَجَدَهُ مَيِّتًا: فَلَهُ الْمُسَمَّى فَقَطْ وَيَرُدُّهُ. وَقَالَ فِي التَّلْخِيصِ: وَإِنْ وَجَدَهُ مَيِّتًا اسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ، وَمَا يَصْنَعُ بِالْكِتَابِ؟ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَكِيمٍ شَيْخِ السَّامِرِيِّ الصَّحِيحُ: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ رَدُّ الْكِتَابِ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ. لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ. فَوَجَبَ رَدُّهُ. انْتَهَى. لَكِنَّ الَّذِي يَظْهَرُ: أَنَّ لَفْظَةَ " لَا " فِي قَوْلِهِ " لَا يَلْزَمُهُ " زَائِدَةٌ. بِدَلِيلِ تَعْلِيلِهِ نَقْلَ حَرْبٍ: إنْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً، أَوْ وَكِيلًا لِيَحْمِلَ لَهُ شَيْئًا مِنْ الْكُوفَةِ، فَلَمَّا وَصَلَهَا لَمْ يَبْعَثْ وَكِيلُهُ بِمَا أَرَادَ، فَلَهُ الْأُجْرَةُ مِنْ هُنَا إلَى ثَمَّ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذَا جَوَابٌ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ. وَالْقَوْلُ الْآخَرُ: لَهُ الْأُجْرَةُ فِي ذَهَابِهِ وَمَجِيئِهِ. فَإِذَا جَاءَ وَالْوَقْتُ لَمْ يَبْلُغْهُ. فَالْأُجْرَةُ لَهُ، وَيَسْتَخْدِمُهُ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ.
الرَّابِعَةُ: قَوْلُهُ (وَبِنَاءُ حَائِطٍ، يَذْكُرُ طُولَهُ وَعَرْضَهُ وَسُمْكَهُ وَآلَتَهُ) فَيَصِحُّ بِلَا نِزَاعٍ. لَكِنْ لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِحَفْرِ بِئْرٍ طُولُهُ عَشَرَةٌ، وَعَرْضُهُ عَشَرَةٌ، وَعُمْقُهُ عَشَرَةٌ، فَحَفَرَ طُولَ خَمْسَةٍ فِي عَرْضِ خَمْسَةٍ فِي عُمْقِ خَمْسَةٍ. فَاضْرِبْ عَشَرَةً فِي عَشْرَةٍ فَمَا بَلَغَ فَاضْرِبْهُ فِي عَشَرَةٍ تَبْلُغُ أَلْفًا، وَاضْرِبْ خَمْسَةً فِي خَمْسَةٍ فَمَا بَلَغَ فَاضْرِبْهُ فِي خَمْسَةٍ يَبْلُغُ مِائَةً وَخَمْسًا وَعِشْرِينَ. وَذَلِكَ ثَمَنُ الْأَلْفِ، فَلَهُ ثَمَنُ الْأُجْرَةِ، إنْ وَجَبَ لَهُ شَيْءٌ. قَالَهُ فِي الرِّعَايَة. وَهُوَ وَاضِحٌ. وَهُوَ مِنْ التَّمْرِينِ. .