وَقَالَ فِي الْمُوجَزِ فِيمَنْ اتَّجَرَ بِمَالِ غَيْرِهِ مَعَ الرِّبْحِ فِيهِ: لَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ. وَعَنْهُ يَتَصَدَّقُ بِهِ. وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَيْضًا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: أَنَّهُ إنْ كَانَ عَالِمًا بِأَنَّهُ مَالُ الْغَيْرِ، فَهُنَا يَتَوَجَّهُ قَوْلُ مَنْ لَا يُعْطِيهِ شَيْئًا. فَإِذَا تَابَ أُبِيحَ لَهُ بِالْقِسْمَةِ. فَإِذَا لَمْ يَتُبْ فَفِي حِلِّهِ نَظَرٌ. قَالَ: وَكَذَلِكَ يَتَوَجَّهُ فِيمَا إذَا غَصَبَ شَيْئًا كَفَرَسٍ وَكَسَبَ بِهِ مَالًا: يُجْعَلُ الْكَسْبُ بَيْنَ الْغَاصِبِ وَمَالِكِ الدَّابَّةِ عَلَى قَدْرِ نَفْعِهِمَا، بِأَنْ تُقَوَّمَ مَنْفَعَةُ الرَّاكِبِ وَمَنْفَعَةُ الْفَرَسِ، ثُمَّ يُقْسَمَ الصَّيْدُ بَيْنَهُمَا. وَأَمَّا إذَا كَسَبَ: فَالْوَاجِبُ أَنْ يُغَطِّيَ الْمَالِكُ أَكْثَرَ الْأَمْرَيْنِ: مِنْ كَسْبِهِ، أَوْ قِيمَةِ نَفْعِهِ. انْتَهَى.
فَائِدَةٌ " الْمُضَارَبَةُ " هِيَ دَفْعُ مَالِهِ إلَى آخَرَ يَتَّجِرُ بِهِ. وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا. كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ. وَتُسَمَّى " قِرَاضًا " أَيْضًا. وَاخْتُلِفَ فِي اشْتِقَاقِهَا. وَالصَّحِيحُ: أَنَّهَا مُشْتَقَّةٌ مِنْ الضَّرْبِ فِي الْأَرْضِ. وَهُوَ السَّفَرُ فِيهَا لِلتِّجَارَةِ غَالِبًا. وَقِيلَ: مَنْ ضَرَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِسَهْمٍ فِي الرِّبْحِ. وَ " الْقِرَاضُ " مُشْتَقٌّ مِنْ الْقَطْعِ عَلَى الصَّحِيحِ. فَكَأَنَّ رَبَّ الْمَالِ اقْتَطَعَ مِنْ مَالِهِ قِطْعَةً وَسَلَّمَهَا إلَى الْعَامِلِ، وَاقْتَطَعَ لَهُ قِطْعَةً مِنْ الرِّبْحِ. وَقِيلَ: مُشْتَقٌّ مِنْ الْمُسَاوَاةِ وَالْمُوَازَنَةِ. فَمِنْ الْعَامِلِ: الْعَمَلُ، وَمِنْ الْآخَرِ: الْمَالُ. فَتَوَازَنَا. وَمَبْنَى " الْمُضَارَبَةِ " عَلَى الْأَمَانَةِ وَالْوَكَالَةِ. فَإِذَا ظَهَرَ رِبْحٌ صَارَ شَرِيكًا فِيهِ. فَإِنْ فَسَدَتْ: صَارَتْ إجَارَةً. وَيَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ. فَإِنْ خَالَفَ الْعَامِلُ صَارَ غَاصِبًا.