فَالْأَمْرُ كَذَلِكَ. وَإِنْ قُلْنَا: تَعَلُّقَ جِنَايَةٍ لَا يَمْنَعُ التَّصَرُّفَ، فَلَا يَتَعَلَّقُ بِالنَّمَاءِ. وَأَمَّا إنْ قُلْنَا: لَا تَنْتَقِلُ التَّرِكَةُ إلَى الْوَرَثَةِ بِمُجَرَّدِ الْمَوْتِ: لَمْ تَتَعَلَّقْ حُقُوقُ الْغُرَمَاءِ بِالنَّمَاءِ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ. وَخَرَّجَ الْأَدَمِيُّ، وَصَاحِبُ الْمُغْنِي: تَعَلُّقَ الْحَقِّ بِالنَّمَاءِ مَعَ الِانْتِقَالِ أَيْضًا كَتَعَلُّقِ الرَّهْنِ. وَقَدْ يَنْبَنِي ذَلِكَ مِنْ أَصْلٍ آخَرَ. وَهُوَ أَنَّ الدَّيْنَ هَلْ هُوَ بَاقٍ فِي ذِمَّةِ الْمَيِّتِ، أَوْ انْتَقَلَ إلَى ذِمَّةِ الْوَرَثَةِ، أَوْ هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِأَعْيَانِ التَّرِكَةِ لَا غَيْرُ؟ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ. وَقَدْ تَقَدَّمَتْ قَبْلُ فَوَائِدَ. قَالَ: فَعَلَى الْقَوْلِ الثَّالِثِ: يَتَوَجَّهُ أَنْ لَا تَتَعَلَّقَ الْحُقُوقُ بِالنَّمَاءِ. إذْ هُوَ كَتَعَلُّقِ الْجِنَايَةِ. وَعَلَى الْأَوَّلَيْنِ: يَتَوَجَّهُ تَعَلُّقُهَا بِالنَّمَاءِ كَالرَّهْنِ.
وَمِنْهَا: لَوْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، وَلَهُ مَالٌ زَكَوِيٌّ. فَهَلْ تَبْتَدِئُ الْوَرَثَةُ حَوْلَ الزَّكَاةِ مِنْ حِينِ الْمَوْتِ، أَمْ لَا؟ فَعَلَى الثَّانِيَةِ: لَا إشْكَالَ فِي أَنَّهُ لَا تَجْرِي فِي حَوْلِهِ حَتَّى تَنْتَقِلَ إلَيْهِ. وَعَلَى الْمَذْهَبِ: يَنْبَنِي عَلَى أَنَّ الدَّيْنَ: هَلْ هُوَ مَضْمُونٌ فِي ذِمَّةِ الْوَارِثِ، أَمْ هُوَ فِي ذِمَّةِ الْمَيِّتِ خَاصَّةً؟ فَإِنْ قُلْنَا: هُوَ فِي ذِمَّةِ الْوَارِثِ وَكَانَ مِمَّا يَمْنَعُ الزَّكَاةَ انْبَنَى عَلَى الدَّيْنِ الْمَانِعِ: هَلْ يَمْنَعُ انْعِقَادَ الْحَوْلِ فِي ابْتِدَائِهِ، أَوْ يَمْنَعُ الْوُجُوبَ فِي انْتِهَائِهِ خَاصَّةً؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ. ذَكَرَهُمَا الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ. وَالْمَذْهَبُ: أَنَّهُ يَمْنَعُ الِانْعِقَادَ. فَيَمْتَنِعُ انْعِقَادُ الْحَوْلِ عَلَى مِقْدَارِ الدَّيْنِ مِنْ الْمَالِ وَإِنْ قُلْنَا: إنَّمَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ فِي آخِرِ الْحَوْلِ: مَنْعُ الْوُجُوبِ هُنَا آخِرَ الْحَوْلِ فِي قَدْرِهِ أَيْضًا. وَإِنْ قُلْنَا: لَيْسَ فِي ذِمَّةِ الْوَارِثِ شَيْءٌ، فَظَاهِرُ كَلَامِ أَصْحَابِنَا: أَنَّ تَعَلُّقَ الدَّيْنِ بِالْمَالِ مَانِعٌ.