قُلْت: وَنَظِيرُ ذَلِكَ: مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالْأَصْحَابُ فِي بَابِ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ فِي أَثْنَاءِ فَصْلِ " وَلَا يُسْتَوْفَى الْقِصَاصُ إلَّا بِحَضْرَةِ السُّلْطَانِ " ثُمَّ قَالَ: وَإِلَّا أُمِرَ بِالتَّوْكِيلِ. وَإِنْ احْتَاجَ إلَى أُجْرَةٍ فَمِنْ مَالِ الْجَانِي. وَكَذَا أُجْرَةُ الْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ عَلَى السَّارِقِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي بَابٍ مِنْ الدَّعَاوَى: وَإِنْ أَحْضَرَ الْمُدَّعَى بِهِ، وَلَمْ يَثْبُتْ لِلْمُدَّعِي: لَزِمَهُ مُؤْنَةُ إحْضَارِهِ وَرَدِّهِ، وَإِلَّا لَزِمَا الْمُنْكِرَ. وَتَقَدَّمَ كَلَامُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الضَّمَانِ: إذَا تَغَيَّبَ الْمَضْمُونُ عَنْهُ حَتَّى غَرِمَ الضَّامِنُ شَيْئًا بِسَبَبِهِ، أَوْ أَنْفَقَهُ فِي الْحَبْسِ: أَنَّهُ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ. وَقَالَ أَيْضًا: لَوْ غَرِمَ بِسَبَبِ كَذِبٍ عَلَيْهِ عِنْدَ وَلِيِّ الْأَمْرِ: رَجَعَ بِهِ عَلَى الْكَاذِبِ ذَكَرَهُ عَنْهُ فِي الْفُرُوعِ فِي أَوَائِلِ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ كِتَابِ الْغَصْبِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ ادَّعَى الْإِعْسَارَ، وَكَانَ دَيْنُهُ عَنْ عِوَضٍ كَالْبَيْعِ وَالْقَرْضِ أَوْ عُرِفَ لَهُ مَالٌ سَابِقٌ: حُبِسَ، إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى نَفَادِ مَالِهِ، أَوْ إعْسَارِهِ. وَهَلْ يَحْلِفُ مَعَهَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) إذَا ادَّعَى الْإِعْسَارَ، فَلَا يَخْلُو: إمَّا أَنْ يَكُونَ دَيْنُهُ عَنْ عِوَضٍ، أَوْ يُعْرَفُ لَهُ مَالٌ سَابِقٌ، أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ. فَإِنْ كَانَ دَيْنُهُ عَنْ عِوَضٍ، كَالْبَيْعِ وَالْقَرْضِ وَنَحْوِهِمَا. وَالْغَالِبُ بَقَاؤُهُ. أَوْ عَنْ غَيْرِ مَالٍ كَالضَّمَانِ وَنَحْوِهِ وَأَقَرَّ أَنَّهُ مَلِيءٌ. أَوْ عُرِفَ لَهُ مَالٌ سَابِقٌ: لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. ثُمَّ إنَّ الْبَيِّنَةَ لَا تَخْلُو: إمَّا أَنْ تَشْهَدَ بِنَفَادِ مَالِهِ، أَوْ إعْسَارِهِ. فَإِنْ شَهِدَتْ بِنَفَادِ مَالِهِ أَوْ تَلَفِهِ: حَلَفَ مَعَهَا. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنْ لَا مَالَ لَهُ فِي الْبَاطِنِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَيَحْلِفُ مَعَهَا عَلَى الْأَصَحِّ. قَالَ فِي الْفَائِقِ: حَلَفَ مَعَهَا، وَفِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي،