ثُمَّ إمَّا أَنْ يَتْرُكَهُ بَعْدَ الْمُدَّةِ بِحُكْمِ الْعُرْفِ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ إلَى حِينِ نَفَادِ الْخَشَبِ، لِأَنَّهُ الْعُرْفُ فِيهِ. كَالزَّرْعِ إلَى حَصَادِهِ، لِلْعُرْفِ فِيهِ، أَوْ يُجَدِّدُ أُجْرَةً بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ. وَهِيَ الْمُسْتَحَقَّةُ بِالدَّوَامِ بِلَا عَقْدٍ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ حَصَلَ فِي هَوَائِهِ أَغْصَانُ شَجَرَةِ غَيْرِهِ فَطَالَبَهُ بِإِزَالَتِهَا لَزِمَهُ. فَإِنْ أَبَى فَلَهُ قَطْعُهَا) . قَالَ الْأَصْحَابُ: لَهُ إزَالَتُهَا بِلَا حُكْمِ حَاكِمٍ. قَالَ فِي الْوَجِيزِ: فَإِنْ أَبَى لَوَاهُ، إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا فَلَهُ قَطْعُهُ. وَكَذَا قَالَ غَيْرُهُ. وَقَالَ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يَقْطَعُهُ هُوَ؟ قَالَ: لَا. يَقُولُ لِصَاحِبِهِ حَتَّى يَقْطَعَهُ.
فَائِدَةٌ: إذَا حَصَلَ فِي مِلْكِهِ أَوْ هَوَائِهِ أَغْصَانُ شَجَرَةٍ: لَزِمَ الْمَالِكَ إزَالَتُهُ إذَا طَالَبَهُ بِذَلِكَ. بِلَا نِزَاعٍ. لَكِنْ لَوْ امْتَنَعَ مِنْ إزَالَتِهِ، فَهَلْ يُجْبَرُ عَلَيْهِ وَيَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ، وَالنَّظْمِ. أَحَدُهُمَا: لَا يُجْبَرُ. وَلَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِهِ. وَهُوَ الصَّحِيحُ. قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ فِي عَدَمِ الْإِجْبَارِ. وَالثَّانِي: يُجْبَرُ عَلَى إزَالَتِهِ، وَيَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِهِ. وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ. وَقَالَ ابْنُ رَزِينٍ: وَيَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِهِ، إنْ أُمِرَ بِإِزَالَتِهِ وَلَمْ يَفْعَلْ. وَكَذَا قَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ. قَوْلُهُ (وَإِنْ صَالَحَهُ عَنْ ذَلِكَ بِعِوَضٍ: لَمْ يَجُزْ) . وَهُوَ أَحَدُ الْوُجُوهِ. جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَقِيلَ: يَجُوزُ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي: اللَّائِقُ بِمَذْهَبِنَا صِحَّتُهُ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ، وَابْنُ عَقِيلٍ