قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: كَذَا تَحْسِينُ وَجْهِ الصُّبْرَةِ وَنَحْوِهَا. وَتَصْنِيعُ النَّسَّاجِ وَجْهَ الثَّوْبِ، وَصَقَّالِ الْإِسْكَافِ وَجْهَ الْمَتَاعِ وَنَحْوِهِ. فَهَذَا يُثْبِتُ لِلْمُشْتَرِي خِيَارَ الرَّدِّ بِلَا نِزَاعٍ. وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ لَوْ حَصَلَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ التَّدْلِيسِ لَا خِيَارَ لَهُ. وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ. وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَمَالًا إلَيْهِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: يَثْبُتُ بِذَلِكَ أَيْضًا. اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفَائِقِ [وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي] وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ. وَذَكَرَ صُوَرَ الْمَسْأَلَةِ: تَحْمِيرُ الْوَجْهِ مِنْ الْخَجَلِ أَوْ التَّعَبِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ. [وَقِيلَ: لَا يَثْبُتُ إلَّا بِحُمْرَةِ الْخَجَلِ أَوْ التَّعَبِ وَنَحْوِهِمَا. وَهُوَ أَوْلَى مِنْ الْأَوَّلِ وَمَالَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ] .
فَائِدَةٌ:
لَوْ سَوَّدَ كَفَّ الْعَبْدِ، أَوْ ثَوْبَهُ. لْيَظُنَّ أَنَّهُ كَاتِبٌ، أَوْ حَدَّادٌ، أَوْ عَلَفَ الشَّاةَ، أَوْ غَيْرَهَا. لِيَظُنَّ أَنَّهَا حَامِلٌ: لَمْ يَثْبُتْ لِلْمُشْتَرِي بِذَلِكَ خِيَارٌ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: يَثْبُتُ. قَوْلُهُ (وَيَرُدُّ مَعَ الْمُصَرَّاةِ عِوَضَ اللَّبَنِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ) . يَتَعَيَّنُ التَّمْرُ فِي الرَّدِّ بِشَرْطِهِ. وَلَوْ زَادَتْ قِيمَتُهُ عَلَى الْمُصَرَّاةِ، أَوْ نَقَصَتْ عَنْ قِيمَةِ اللَّبَنِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَقِيلَ: يُجْزِئُ الْقَمْحُ أَيْضًا. اخْتَارَهُ الشِّيرَازِيُّ. لِحَدِيثٍ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: يُعْتَبَرُ فِي كُلِّ بَلَدٍ صَاعٌ مِنْ غَالِبِ قُوتِهِ.
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا: عَلَّلَ أَبُو بَكْرٍ وُجُوبَ الصَّاعِ بِأَنَّ لَبَنَ التَّصْرِيَةِ اخْتَلَطَ بِلَبَنٍ حَدَثَ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي. فَلَمَّا لَمْ يَتَمَيَّزْ قَطَعَ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ الْمُشَاجَرَةَ بَيْنَهُمَا بِإِيجَابِ صَاعٍ.
الثَّانِيَةُ: لَوْ اشْتَرَى أَكْثَرَ مِنْ مُصَرَّاةٍ: رَدَّ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ صَاعًا. صَرَّحَ بِهِ فِي الْفَائِقِ وَغَيْرِهِ.